عمال المحلة : الثورة العمالية الثانية على الأبواب
القطاع الطبي سئ للغاية والمعاش المبكر خراب ونطالب بعودة المفصولين
كتب -
ربيع السعدني
شارك العمال في
ثورة 25 يناير، وحسموا قضية إسقاط الرئيس من خلال أكثر من 489 احتجاج عمالي
خلال شهر فبراير فقط وخرج العمال في جميع أنحاء مصر من أجل العيش والحرية
والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وبعد مرور أكثر من عام علي الثورة
المجيدة لم تتغير أوضاع العمال بل ازدادت سوء واتهموا بالفئوية والتخريب
وتعطيل عجلة الإنتاج، وبدلاً من استرداد حقوقهم الضائعة تم إصدار مرسوم
بقانون رقم 34 لسنة 2011 بتجريم حق الإضراب و الاعتصام، وتجميد قانون
الحريات النقابية في ثلاجة البرلمان ، كما تم الالتفاف علي قانون الحد
الأدنى والأعلى للأجور، وتحايلت الحكومة لمنع عودة الشركات العامة التي
صدرت أحكام قضائية بعودتها للدولة.
ولاشك أن عمال الغزل والنسيج بالمحلة الكبري قد لعبوا الدور الأكبر في الإعداد لثورة 25يناير، من خلال تقديم التضحيات والشهداء قبل الثورة بسنوات وهو ما دفعوا ثمنه كثيرا بتحويل عدد كبير منهم إلي المحاكمات العسكرية،فضلا عن فصل عدد من القيادات العمالية، الامر الذي دفع الطبقة العمالية التي قادت الطريق نحو الثورة إلي تحديد السابع من الشهر الجاري لمسيرة عمالية كبري علي مستوي المحافظات للإنضمام لإعتصام وزارة الدفاع للمطالبة بالعدالة الإجتماعية الغائبة وعودة العمال المفصولين وزيادة المعاشات والإفراج عن كافة المعتقلين في صفوف العمال.
“التقينا عدد كبير من هؤلاء العمال الذين أكدوا أنهم متألمون للغاية لما وصلت إليه حال شركتهم الكبري بعد ان كانت الثانية علي العالم في انتاج الغزل والنسيج بعد شركة مانشستر البريطانية ولكن بعد أن تم تخفيض العمالة بالشركة من 70 ألف عامل في الستينيات إلي 25 ألف عامل اليوم وايقاف التعيينات منذ عام 97 وإلي يومنا هذا لم يًعين بالشركة سوي ألف عامل في المقابل هناك نحو 15 ألف خرجوا معاش مبكر ولم يُعين مكانهم سوي أربعة عمال فقط في مؤشرات واضحة نحو خصخصة الشركة.
"الجوع موجود، وعمال الشركة ماشيين بالتيلة، لكن غاب الأمن الذي افتقدناه كثيرا بعد الثورة التي لم تأت علي الشركة والعمال إلا بالمرار والخراب" كلمات قاسية جاءت علي لسان أحمد العيسوي، عامل بالشركة منذ عام 97 حيث كان يتقاضي 350 جنيها في بداية وجوده بالشركة، فصار راتبه اليوم 1200 جنيه ويعمل علي ماكينة بوش، عصب الغزل والنسيج (الخاصة بتجهيز الغزل والنسيج للنول) لأكثر من خمسة عشرة عاماً ولكن من بعد استيراد القطن من الخارج(سوريا،اليونان، السودان ،الولايات المتحدة الامريكية) رغم انه ليس في متانة وجودة البذرة المصرية التي كانت تنتج القطن طويل التيلة الذي كانت تمتاز به مصر، حتي صارت نسبة القطن المصري اليوم لا تتعدي ال10% من انتاج الشركة.
وهو ما زاد من تكلفة تجهيز القطن للغزل والنسيج والنول بفارق 3000 جنيها للطن الواحد نتيجة اضافة المواد الصناعية (النشا الصناعي) إليه أو ما يعرف ب(pva) وذكر العيسوي أن شركة الغزل والنسيج تعمل بقوة 30% فقط من قوتها الأصلية ورغم ذلك فإنها تغطي تكاليف العمال والإنتاج، مؤكدا أن المشكلة ليست في العمال بقدر ما يلقي العبء الأكبر علي مجلس الإدارة التابع للنظام السابق الذي لا يقوم بتفعيل إدارتي البيع والتسويق بالشركة علي الرغم من المرتبات الخيالية التي يتقاضاها الموظفين دون مقابل.
ويضيف العيسوي أن بدايات الثورة الحقيقية ليست في الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي، بقدر ما بدأها العمال في الحادي والعشرين من سبتمبر لعام 2006 حينما لم يكن هناك مواطن مصري يطالب بحقوقه السياسية والاجتماعية حسبما يقول، خاصة بعد قرار وزير الإستثمار الأسبق،د.محمود محيي الدين، بصرف شهرين لقطاع الأعمال العام بالدولة وهو ما رفضته وزيرة القوي العاملة والهجرة عائشة عبدالهادي وهو ما دفع العمال للخروج إلي الشوارع والبحث عن حقوقهم الضائعة وفتح الباب للثورة المصرية، مرورا بإضراب السادس من أبريل الذي دعت إليه الطبقة العاملة بالمحلة الكبري وتلقفته القوي السياسية الثورية (التي عرفت فيما بعد بحركة 6أبريل) للتخريب ونشر الفوضي والسرقة والنهب في انحاء المدينة العمالية الذي استنكره جميع العاملين بالشركة.
"مفيش مكسب بس مفيش خسارة" هذا ما أراد وحيد حسنين الضرس توصيله من خلال حديثه، الذي خرج معاشا مبكرا في عام 2003 بعد (36 عام) في شركة الغزل والنسيج ومكافأة نهاية الخدمة التي لم تتجاوز الخمسة آلاف جنيها وخروجه من مظلة التأمين الصحي الذي يصفه الضرس "بمجزرة المرضي" نتيجة سوء الخدمات الطبية التي تقدم لعمال الغزل والنسيج بصفة خاصة، مشيرا إلي أنه اصيب خلال تواجده بالشركة بجلطة في قدمه فاتجه إلي التامين الصحي،فرفضوا علاجه إلا بتقرير طبي صادر من مستشفي الشركة وعلي الرغم من حصوله علي ذلك التقرير إلا إنه تم تحويله إلي مستشفي الهلال التي وجد فيها أسوأ الخدمات الطبية ولولا أنه تكلف من جيبه الخاص نحو ثلاثة آلاف جنيه فارق في العلاج لكانوا بتروا له قدمه وهو ما دفعه لرفع قضية علي هيئة التأمين الصحي منذ عام 2007 وحتي الآن والقضية محفوظة.
فيما رفض محمد زقزوق الخروج في تظاهرات السابع من مايو الجاري التي نظمها العاملين فوق الخمسين عاما للمطالبة بشهرين علي كل سنة عمل بدلا من شهر واحد في مكافأة نهاية الخدمة، مؤكدا ان تلك حقوق ومظاهرات فئوية ليست في وقتها ولكن حينما ينتج العمال نحو 25% من اجمالي الانتاج، رغم توفر الماكينات التي يتعدي ثمنها المليون جنيه بكثافة في الشركة(نحو 1350) ماكينة للغزل والنسيج، فضلا عن الورش وباقي الآلات الخاصة بالنول، موضحا أن جميع العاملين بالغزل والنسيج ينظرون إلي الشركة علي انها ملك خاص بهم وليست ملكا للدولة.
وأكد زقزوق أن العمال خلال فبراير من العام الماضي رفضوا عروضا كثيرة من قبل الحاكم العسكري بالمدينة واصروا في المقابل علي رحيل فؤاد عبدالعليم، رئيس مجلس الإدارة الأسبق، ومن تلك المطالب زيادة بدل الغذاء إلي (240)جنيه وحافز التطوير إلي مائتي جنيه بالإضافة إلي 25% علاوة سنوية ومن ثم كان القرار بمقاطعة اضراب السابع من مايو، مؤكدا أنهم سيضاعفون من انتاجهم في ذلك اليوم بصفة خاصة ويعملون بجهد اضافي من أجل توجيه ضربة قاضية للمخربين وأصحاب الاجندات والمصالح الخاصة.
ومن جانبه يتسائل السيد الجمال،القيادي العمالي بالغزل والنسيج، إذا كان الجميع مشغول الآن بمعركتي الدستور والرئاسة، فإن مطالب الحركة العمالية لازالت بعيدة عن واضعي الدستور ومرشحي الرئاسة لذلك ندعو كل عمال مصر للتحرك في السابع من مايو الجاري، لفرض مطالبهم الغائبة الخاصة بالعدالة الاجتماعية واسترداد حقوق العمال وحريتهم من خلال سرعة إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور بما يكفل حياة كريمة للعامل وأسرته، والحصول علي مكافاة نهاية الخدمة شهرين عن كل سنة خدمة وكذلك صرف حافز الإثابة وتحديد الحد الأقصى 15 ضعف الحد الأدنى(1500) جنيه وزيادته سنوياً وفقاً للخبرة ومعدلات التضخم ، موضحا أن وزيادة المعاشات بحيث لا تقل عن 80% من الأجور مع زيادتها سنويا بمعدل ارتفاع الأسعار وإطلاق قانون الحريات النقابية ودعم النقابات المستقلة ووقف كل طرق التعسف والاضطهاد ضد النقابات المستقلة.
كما يطالب الجمال بمشاركة العمال ونقاباتهم في وضع الدستور الجديد بما يحافظ علي حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وفرضها كنصوص ثابتة في الدستور وتعديل قانون العمل الجائر رقم 12 لسنة 2003 بما هو في صالح العمال، وتفعيل دور المجلس الأعلى للأجور والأسعار وإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية رقم 135 لسنة 2010، وتطوير قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنة 1975، والقانون رقم 112 لسنة 1980 بالتأمين علي العمالة غير النظامية وإعادة 465 مليار أموال التأمينات التي تم الاستيلاء عليها، فضلا عن توحيد نظم الحوافز فى الشركات التابعة للشركة القابضة ، مؤكدا انه ليس من العدالة ان يحصل الادارى فى شركة وولتكس عى حافز 40% من الراتب الاساسي (اذا كان الاساسى900 جنيه مثلا فانه يحصل على حافز 350 جنيه)، بخلاف حافز التطوير بينما يحصل نظيره فى شركة الشوربجى على 150 جنيه مع العلم بأن شركة وولتكس متوقفة عن العمل تقريبا، فاين العدل الذي حققته الثورة.
وأشار الجمال إلي غياب الخدمات الطبية للعاملين بالشركة بصفة كاملة، فالقطاع الطبي ممثلا في مستشفي التأمين الصحي أقل ما توصف به "زريبة بيطرية" حيث لا يوجد به أقسام للصدر أوالكبد أو للمخ والأعصاب ولكن يتم تحويل عمال الشركة لصدر وحميات المحلة الكبري،فضلا عن جوابات العلاج التي ترسل من الشركة للتأمين، مفادها أن يعالج العمال علي أدني مستوي، في الوقت الذي يتعاملون فيه مع حاملي المؤهلات العليا وكأنهم باشوات ومن فئة(ح.خ) حسابات خاصة،أما العمال فلا دية لهم ولا حقوق ومن ثم فلابد من مد مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع العاملين ودمج كل الهياكل الصحية في هيكل صحي عام يمول من الضرائب العامة والاشتراكات، مع تطوير الخدمة الصحية وتقديمها بالمجان ومن خلال جهات غير ربحية.
وأفاد محمد عبدالمجيد ،عامل بالشركة، أنه لن تعود هذه الصناعة الى سابق عهدها الا بوقف استيراد جميع المنسوجات المصنعة من الخارج وقفا فوريا للارتقاء بالصناعة المصرية ودعمها دعما ماديا وعينيا لمواجهة الغزو الخارجى القادم من الصين والاهتمام بالمستوى المعيشى للعمال الذى بدورة سيحقق رقى فى الانتاج وجودة في الصناعة المصرية والتحديث المستمر لاليات الصناعة مع تحديد ساعات العمل بحيث لاتتعدى ال8 ساعات يوميا وهذا كله سيساهم فى زيادة القاعدة العمالية وسيوفر فرص عمل جديدة لآلاف العمال بالمحافظة .
وعلي جانب أخر أكد كمال الفيومي، القيادي العمالي اليساري البارز، عضو حزب العمال الديمقراطي، علي ضرورة إلغاء القانون رقم 34 لسنة 2011 الخاص بتجريم الإضرابات والاعتصامات المخالف للمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر مع وقف كل المحاكمات العمالية العادية والعسكرية التي صدرت بحق العمال منذ فبراير 2011 والإفراج الفوري عن كافة العمال المعتقلين وتثبيت العمالة المؤقتة وتقنين أوضاعهم بما يحفظ حقوقهم وإعادة العمال الذين تم فصلهم وسداد كافة حقوقهم المتأخرة وإعادة جميع الشركات العامة التي صدرت أحكام قضائية بعودتها كملكية عامة، وضخ استثمارات جديدة للشركات والهيئات العامة لتطويرها والنهوض بها وسرعة إعادة تشغيل المصانع المعطلة ومشاركة العمال في تشغيلها وإدارتها، ورفض قانون المصالحة مع رجال الأعمال المتلاعبين بالاقتصاد الوطني وحقوق العمال المصريين وإقالة رئيس مجلس الإدارة الحالي ورئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج الذين ساهموا في انهيار صناعة القطن علي مدار العقود الماضية.
ويأسف الفيومي للحالة قائلاً الحالة المتردية التى أصابت قطاع الغزل والنسيج بالمحلة الكبري بعد أن وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه، وبعد أن وصلت خسائره السنوية لما يزيد على مليارى جنيه، وتدهورت أرقام صادراته بشكل لا يليق مع دولة رائدة فى هذا المجال منذ مئات السنوات، صاحبها مشاكل عمالية بالجملة وتوقف شركات عن الإنتاج بعد إغراق الأسواق ببضائع مهربة وصلت إلى 15 مليار جنيه، ولم تفلح اتفاقية الكويز فى إنقاذ الصناعة العريقة، وجاءت الأرقام مخيبة للآمال فى تصدير المنسوجات المصرية .
ومن ثم فلنجعل مايو 2012 شهر الحقوق العمالية في الأجور والنقابات المستقلة، لنجتمع في كافة محافظات الجمهورية لإعادة الكرامة والعدالة الإجتماعية لحقوق العمال بالشركات والمصانع والمؤسسات المصرية، ليكن شهر حقوق العمال، حسبما يروي الفيومي الذي أكد أنه لن ترهبنا قوانين الاستبداد ووحدتنا الأمل الباقي من اجل استرداد حقوقنا وحقوق أبنائنا ومن ثم فإن عمال الغزل والنسيج لا بديل امامهم سوي الثورة الثانية للنهوض بالإنتاج وتحقيق العدالة في توزيع الأجور والمرتبات واعادة السيادة والريادة من جديد للقطن المصري طويل التيلة بعد أن تم تدميره والزراعة المصرية في عهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
ولاشك أن عمال الغزل والنسيج بالمحلة الكبري قد لعبوا الدور الأكبر في الإعداد لثورة 25يناير، من خلال تقديم التضحيات والشهداء قبل الثورة بسنوات وهو ما دفعوا ثمنه كثيرا بتحويل عدد كبير منهم إلي المحاكمات العسكرية،فضلا عن فصل عدد من القيادات العمالية، الامر الذي دفع الطبقة العمالية التي قادت الطريق نحو الثورة إلي تحديد السابع من الشهر الجاري لمسيرة عمالية كبري علي مستوي المحافظات للإنضمام لإعتصام وزارة الدفاع للمطالبة بالعدالة الإجتماعية الغائبة وعودة العمال المفصولين وزيادة المعاشات والإفراج عن كافة المعتقلين في صفوف العمال.
“التقينا عدد كبير من هؤلاء العمال الذين أكدوا أنهم متألمون للغاية لما وصلت إليه حال شركتهم الكبري بعد ان كانت الثانية علي العالم في انتاج الغزل والنسيج بعد شركة مانشستر البريطانية ولكن بعد أن تم تخفيض العمالة بالشركة من 70 ألف عامل في الستينيات إلي 25 ألف عامل اليوم وايقاف التعيينات منذ عام 97 وإلي يومنا هذا لم يًعين بالشركة سوي ألف عامل في المقابل هناك نحو 15 ألف خرجوا معاش مبكر ولم يُعين مكانهم سوي أربعة عمال فقط في مؤشرات واضحة نحو خصخصة الشركة.
"الجوع موجود، وعمال الشركة ماشيين بالتيلة، لكن غاب الأمن الذي افتقدناه كثيرا بعد الثورة التي لم تأت علي الشركة والعمال إلا بالمرار والخراب" كلمات قاسية جاءت علي لسان أحمد العيسوي، عامل بالشركة منذ عام 97 حيث كان يتقاضي 350 جنيها في بداية وجوده بالشركة، فصار راتبه اليوم 1200 جنيه ويعمل علي ماكينة بوش، عصب الغزل والنسيج (الخاصة بتجهيز الغزل والنسيج للنول) لأكثر من خمسة عشرة عاماً ولكن من بعد استيراد القطن من الخارج(سوريا،اليونان، السودان ،الولايات المتحدة الامريكية) رغم انه ليس في متانة وجودة البذرة المصرية التي كانت تنتج القطن طويل التيلة الذي كانت تمتاز به مصر، حتي صارت نسبة القطن المصري اليوم لا تتعدي ال10% من انتاج الشركة.
وهو ما زاد من تكلفة تجهيز القطن للغزل والنسيج والنول بفارق 3000 جنيها للطن الواحد نتيجة اضافة المواد الصناعية (النشا الصناعي) إليه أو ما يعرف ب(pva) وذكر العيسوي أن شركة الغزل والنسيج تعمل بقوة 30% فقط من قوتها الأصلية ورغم ذلك فإنها تغطي تكاليف العمال والإنتاج، مؤكدا أن المشكلة ليست في العمال بقدر ما يلقي العبء الأكبر علي مجلس الإدارة التابع للنظام السابق الذي لا يقوم بتفعيل إدارتي البيع والتسويق بالشركة علي الرغم من المرتبات الخيالية التي يتقاضاها الموظفين دون مقابل.
ويضيف العيسوي أن بدايات الثورة الحقيقية ليست في الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي، بقدر ما بدأها العمال في الحادي والعشرين من سبتمبر لعام 2006 حينما لم يكن هناك مواطن مصري يطالب بحقوقه السياسية والاجتماعية حسبما يقول، خاصة بعد قرار وزير الإستثمار الأسبق،د.محمود محيي الدين، بصرف شهرين لقطاع الأعمال العام بالدولة وهو ما رفضته وزيرة القوي العاملة والهجرة عائشة عبدالهادي وهو ما دفع العمال للخروج إلي الشوارع والبحث عن حقوقهم الضائعة وفتح الباب للثورة المصرية، مرورا بإضراب السادس من أبريل الذي دعت إليه الطبقة العاملة بالمحلة الكبري وتلقفته القوي السياسية الثورية (التي عرفت فيما بعد بحركة 6أبريل) للتخريب ونشر الفوضي والسرقة والنهب في انحاء المدينة العمالية الذي استنكره جميع العاملين بالشركة.
"مفيش مكسب بس مفيش خسارة" هذا ما أراد وحيد حسنين الضرس توصيله من خلال حديثه، الذي خرج معاشا مبكرا في عام 2003 بعد (36 عام) في شركة الغزل والنسيج ومكافأة نهاية الخدمة التي لم تتجاوز الخمسة آلاف جنيها وخروجه من مظلة التأمين الصحي الذي يصفه الضرس "بمجزرة المرضي" نتيجة سوء الخدمات الطبية التي تقدم لعمال الغزل والنسيج بصفة خاصة، مشيرا إلي أنه اصيب خلال تواجده بالشركة بجلطة في قدمه فاتجه إلي التامين الصحي،فرفضوا علاجه إلا بتقرير طبي صادر من مستشفي الشركة وعلي الرغم من حصوله علي ذلك التقرير إلا إنه تم تحويله إلي مستشفي الهلال التي وجد فيها أسوأ الخدمات الطبية ولولا أنه تكلف من جيبه الخاص نحو ثلاثة آلاف جنيه فارق في العلاج لكانوا بتروا له قدمه وهو ما دفعه لرفع قضية علي هيئة التأمين الصحي منذ عام 2007 وحتي الآن والقضية محفوظة.
فيما رفض محمد زقزوق الخروج في تظاهرات السابع من مايو الجاري التي نظمها العاملين فوق الخمسين عاما للمطالبة بشهرين علي كل سنة عمل بدلا من شهر واحد في مكافأة نهاية الخدمة، مؤكدا ان تلك حقوق ومظاهرات فئوية ليست في وقتها ولكن حينما ينتج العمال نحو 25% من اجمالي الانتاج، رغم توفر الماكينات التي يتعدي ثمنها المليون جنيه بكثافة في الشركة(نحو 1350) ماكينة للغزل والنسيج، فضلا عن الورش وباقي الآلات الخاصة بالنول، موضحا أن جميع العاملين بالغزل والنسيج ينظرون إلي الشركة علي انها ملك خاص بهم وليست ملكا للدولة.
وأكد زقزوق أن العمال خلال فبراير من العام الماضي رفضوا عروضا كثيرة من قبل الحاكم العسكري بالمدينة واصروا في المقابل علي رحيل فؤاد عبدالعليم، رئيس مجلس الإدارة الأسبق، ومن تلك المطالب زيادة بدل الغذاء إلي (240)جنيه وحافز التطوير إلي مائتي جنيه بالإضافة إلي 25% علاوة سنوية ومن ثم كان القرار بمقاطعة اضراب السابع من مايو، مؤكدا أنهم سيضاعفون من انتاجهم في ذلك اليوم بصفة خاصة ويعملون بجهد اضافي من أجل توجيه ضربة قاضية للمخربين وأصحاب الاجندات والمصالح الخاصة.
ومن جانبه يتسائل السيد الجمال،القيادي العمالي بالغزل والنسيج، إذا كان الجميع مشغول الآن بمعركتي الدستور والرئاسة، فإن مطالب الحركة العمالية لازالت بعيدة عن واضعي الدستور ومرشحي الرئاسة لذلك ندعو كل عمال مصر للتحرك في السابع من مايو الجاري، لفرض مطالبهم الغائبة الخاصة بالعدالة الاجتماعية واسترداد حقوق العمال وحريتهم من خلال سرعة إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور بما يكفل حياة كريمة للعامل وأسرته، والحصول علي مكافاة نهاية الخدمة شهرين عن كل سنة خدمة وكذلك صرف حافز الإثابة وتحديد الحد الأقصى 15 ضعف الحد الأدنى(1500) جنيه وزيادته سنوياً وفقاً للخبرة ومعدلات التضخم ، موضحا أن وزيادة المعاشات بحيث لا تقل عن 80% من الأجور مع زيادتها سنويا بمعدل ارتفاع الأسعار وإطلاق قانون الحريات النقابية ودعم النقابات المستقلة ووقف كل طرق التعسف والاضطهاد ضد النقابات المستقلة.
كما يطالب الجمال بمشاركة العمال ونقاباتهم في وضع الدستور الجديد بما يحافظ علي حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وفرضها كنصوص ثابتة في الدستور وتعديل قانون العمل الجائر رقم 12 لسنة 2003 بما هو في صالح العمال، وتفعيل دور المجلس الأعلى للأجور والأسعار وإلغاء قانون التأمينات الاجتماعية رقم 135 لسنة 2010، وتطوير قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنة 1975، والقانون رقم 112 لسنة 1980 بالتأمين علي العمالة غير النظامية وإعادة 465 مليار أموال التأمينات التي تم الاستيلاء عليها، فضلا عن توحيد نظم الحوافز فى الشركات التابعة للشركة القابضة ، مؤكدا انه ليس من العدالة ان يحصل الادارى فى شركة وولتكس عى حافز 40% من الراتب الاساسي (اذا كان الاساسى900 جنيه مثلا فانه يحصل على حافز 350 جنيه)، بخلاف حافز التطوير بينما يحصل نظيره فى شركة الشوربجى على 150 جنيه مع العلم بأن شركة وولتكس متوقفة عن العمل تقريبا، فاين العدل الذي حققته الثورة.
وأشار الجمال إلي غياب الخدمات الطبية للعاملين بالشركة بصفة كاملة، فالقطاع الطبي ممثلا في مستشفي التأمين الصحي أقل ما توصف به "زريبة بيطرية" حيث لا يوجد به أقسام للصدر أوالكبد أو للمخ والأعصاب ولكن يتم تحويل عمال الشركة لصدر وحميات المحلة الكبري،فضلا عن جوابات العلاج التي ترسل من الشركة للتأمين، مفادها أن يعالج العمال علي أدني مستوي، في الوقت الذي يتعاملون فيه مع حاملي المؤهلات العليا وكأنهم باشوات ومن فئة(ح.خ) حسابات خاصة،أما العمال فلا دية لهم ولا حقوق ومن ثم فلابد من مد مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع العاملين ودمج كل الهياكل الصحية في هيكل صحي عام يمول من الضرائب العامة والاشتراكات، مع تطوير الخدمة الصحية وتقديمها بالمجان ومن خلال جهات غير ربحية.
وأفاد محمد عبدالمجيد ،عامل بالشركة، أنه لن تعود هذه الصناعة الى سابق عهدها الا بوقف استيراد جميع المنسوجات المصنعة من الخارج وقفا فوريا للارتقاء بالصناعة المصرية ودعمها دعما ماديا وعينيا لمواجهة الغزو الخارجى القادم من الصين والاهتمام بالمستوى المعيشى للعمال الذى بدورة سيحقق رقى فى الانتاج وجودة في الصناعة المصرية والتحديث المستمر لاليات الصناعة مع تحديد ساعات العمل بحيث لاتتعدى ال8 ساعات يوميا وهذا كله سيساهم فى زيادة القاعدة العمالية وسيوفر فرص عمل جديدة لآلاف العمال بالمحافظة .
وعلي جانب أخر أكد كمال الفيومي، القيادي العمالي اليساري البارز، عضو حزب العمال الديمقراطي، علي ضرورة إلغاء القانون رقم 34 لسنة 2011 الخاص بتجريم الإضرابات والاعتصامات المخالف للمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر مع وقف كل المحاكمات العمالية العادية والعسكرية التي صدرت بحق العمال منذ فبراير 2011 والإفراج الفوري عن كافة العمال المعتقلين وتثبيت العمالة المؤقتة وتقنين أوضاعهم بما يحفظ حقوقهم وإعادة العمال الذين تم فصلهم وسداد كافة حقوقهم المتأخرة وإعادة جميع الشركات العامة التي صدرت أحكام قضائية بعودتها كملكية عامة، وضخ استثمارات جديدة للشركات والهيئات العامة لتطويرها والنهوض بها وسرعة إعادة تشغيل المصانع المعطلة ومشاركة العمال في تشغيلها وإدارتها، ورفض قانون المصالحة مع رجال الأعمال المتلاعبين بالاقتصاد الوطني وحقوق العمال المصريين وإقالة رئيس مجلس الإدارة الحالي ورئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج الذين ساهموا في انهيار صناعة القطن علي مدار العقود الماضية.
ويأسف الفيومي للحالة قائلاً الحالة المتردية التى أصابت قطاع الغزل والنسيج بالمحلة الكبري بعد أن وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه، وبعد أن وصلت خسائره السنوية لما يزيد على مليارى جنيه، وتدهورت أرقام صادراته بشكل لا يليق مع دولة رائدة فى هذا المجال منذ مئات السنوات، صاحبها مشاكل عمالية بالجملة وتوقف شركات عن الإنتاج بعد إغراق الأسواق ببضائع مهربة وصلت إلى 15 مليار جنيه، ولم تفلح اتفاقية الكويز فى إنقاذ الصناعة العريقة، وجاءت الأرقام مخيبة للآمال فى تصدير المنسوجات المصرية .
ومن ثم فلنجعل مايو 2012 شهر الحقوق العمالية في الأجور والنقابات المستقلة، لنجتمع في كافة محافظات الجمهورية لإعادة الكرامة والعدالة الإجتماعية لحقوق العمال بالشركات والمصانع والمؤسسات المصرية، ليكن شهر حقوق العمال، حسبما يروي الفيومي الذي أكد أنه لن ترهبنا قوانين الاستبداد ووحدتنا الأمل الباقي من اجل استرداد حقوقنا وحقوق أبنائنا ومن ثم فإن عمال الغزل والنسيج لا بديل امامهم سوي الثورة الثانية للنهوض بالإنتاج وتحقيق العدالة في توزيع الأجور والمرتبات واعادة السيادة والريادة من جديد للقطن المصري طويل التيلة بعد أن تم تدميره والزراعة المصرية في عهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
Comments