جمال يونس يكتب : المستفيدون من نصر أكتوبر
لا يعرف حلاوة نصر اكتوبر إلا من ذاق مرارة الهزيمة ولا يدرك طعم الفرحة سوي من كابر قسوة الانكسار ولكن اكتوبر في عام 2010 يختلف عن اكتوبر في عام 1973. الزمن غير الزمن.. والبشر غير البشر.. والقيم المستقرة في الوعي الجمعي غير القيم، أتذكر جيداً عندما قامت الحرب المجيدة الغت الصحف صفحة الحوادث، لا لشئ الا لان اقسام الشرطة في انحاء مصر لم تتلق بلاغاً واحداً علي مدي عدة اسابيع.. اللصوص والمسجلون خطر من الرعاع كانوا يمتلكون من الحس الوطني، ما جعلهم يمتنعون عن السرقة، وكشفت حرب اكتوبر عن الرصيد الحضاري المتراكم في الشخصية المصرية مثلما تزيل يد الجواهرجي الحاذقه التراب من فوق قطعة الماس. كانوا خارجين علي القانون لكنهم لم يخرجوا علي الالتزام الوطني.. كانوا وغيرهم من ابناء الوطن مثل الشقيقين الصالح والطالح خرجا من رحم أم واحدة وكذلك خرجوا من رحم وطن واحد. اللصوص أثناء حرب اكتوبر تطوعوا للانضمام إلي كتائب الفدائيين للدفاع عن مدينة السويس، ويحكي لنا التاريخ أن القائد صلاح الدين الايوبي استعان بفرقة من اللصوص مكونة من ثلثمائة فارس تتلخص مهتهم في خطف قادة الصليبيين المهمين واحضارهم احياء لاستخدامهم كوسيلة ضغط علي العدو أثناء المفاوضات، ومن مهامهم أيضا نهب مؤن العدو وإتلاف ما لا يستطيعون حمله معهم. وبعد مرور 37 عاما علي نصر أكتوبر آن لنا أن نتوقف قليلا ونسأل أنفسنا من الذي استفاد من نصر أكتوبر ومن الذي يخسر ولايزال يخسر؟ كان أول المستفيدين هو الرئيس الراحل أنور السادات حين انقلب علي الدستور الذي وضعه علي عينه ووافق علي تعديل النص الخاص بتحديد فترة الرئاسة بمدتين إلي مدي الحياة. قد يقول البعض إن النائبة فايدة كامل هي صاحبة التعديل ومجلس الشعب هو صاحب القرار وأرد عليهم بأن الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا صاحب الشعبية الجارفة بسبب عبوره الاقتصادي العظيم بالبلاد رفض اقتراحا من البرلمان بمد ولايته لفترة ثالثة. ولايزال الرئيس مبارك أحد أبطال حرب أكتوبر مستفيدا من هذا النصر ويرفض تعديل النص الدستوري وإعادته لأصله رغم تصريحه للأهرام عقب انتخابه رئيسا للمرة الأولي بأنه سوف يكتفي بمدتين والكفن ملوش جيوب.. بعد نصر أكتوبر قفز إلي الساحة اللصوص الجدد.. لصوص غير مسجلين في دفاتر الشرطة استولوا علي مزايا الانفتاح الاقتصادي ثم نهبوا أموال البنوك وأراضي الدولة.. اللصوص في حرب أكتوبر دافعوا عن الوطن ولصوص 2010 سرقوا الوطن وهربوا إلي الخارج. بعد 37 عاما علي نصر أكتوبر زاد عدد الفقراء إلي أكثر من نصف الشعب المصري ويعاني عشرة ملايين مصري من مرض السكر ومثلهم أو أقل قليلا من أمراض الضغط والقلب والالتهاب الكبدي والفشل الكلوي والسرطان.. لم يكتفوا بسرقة أمواله وأراضيه بل سرقوا صحته بالأغذية الملوثة. من حقنا أن نسأل من المستفيد من نصر أكتوبر. .. ومضات لايبقي مع الفساد شئ ولايقل مع الاصلاح شئ »عمر بن الخطاب«
Comments