دعاء الشامى تكتب : قطرنة الشباب المصرى
بوصفى شابة مصرية صميمة، أحب بلدى وأشفق على أمثالى من الشباب المطحون من العيش هكذا حتى الموت الذى يبدو أنه بدا وشيكاً للغاية، أطالب بقطرنة الشباب المصرى!
لا أقصد حرق الشباب داخل قطار، ولا أعنى أيضا وضع «القطر» على رؤوسهم ليكونوا مثل إسفلت الطريق، بل أقترح أن نستفيد من التجربة القطرية فى التعامل مع الشباب.
انتظر عزيزى الشاب وعزيزتى الشابة، ولا تتهمنى بالخيانة أو بعدم الوطنية، لمجرد ذكر اسم دولة قطر على لسانى، ولا تردد ما قاله الرئيس السادات بأنها مجرد «كشك على الخليج»، فما يفعله هذا الكشك مع عماد دولته، وهو الشباب، يستحق التقدير.
سافرت لقطر فى زيارة مدتها ثلاثة أسابيع، وكان الشعور مختلفاً، فهنا تشعر بأنك إنسان، لك الحق فى الحياة باحترام وراحة وأمان، وكشاب يعتز بك مجتمعك فقط لأنك حصلت على شهادة جامعية، فوفقاً لإحصائية نشرتها وزارة العمل القطرية هناك ١٧ ألف قطرى يعملون بوظائف بالدولة لا يحملون الشهادة الثانوية..!
عزيزى الشاب، اربط حزامك جيداً وتمسك بكرسيك وحلق عالياً، احلم وتمنَّ.. ربما يكون سقف أحلامك وظيفة مرتبطة بمجال دراستك، راتباً محترماً يجعلك قادراً على الحياة دون البحث عن وظيفة أخرى بعد العصر أو السلف قبل نصف الشهر، أو مد اليد لأب ليساعد فى أجرة المواصلات، ولا مانع من الحلم بزواج فى الثلاثين، وشقة صغيرة تكون ملكاً لك تضع فيها «كام حتة عفش» لا تضطر لنقلها كل عام من شقة لأخرى.
الشاب القطرى يا مصراوى، واقعه أكبر بكثير من سعادتى وسعادتك، ولنتحدث عن القطرى متوسط الحال، وليس لنا شأن بهذا الذى بعثته الدولة ليكمل تعليمه فى الخارج أو ذاك الذى جاء الخارج كله فى دولته، فهنا- لمن لا يعرف- فروع لجامعات مثل كامبريدج، فرجيينا كوليدج...إلخ.
هذا الشاب، وليكن خريج كلية التجارة أو إدارة الأعمال جامعة قطر، يلتحق بوظيفة فى أحد المصارف القطرية العديدة مثل بنك قطر الوطنى، دون واسطة أو دفع مبالغ خارقة، هنا: تخرّج .. قدم أوراقك.. احصل على الوظيفة.
الراتب يتراوح بين ١٥ و٢٠ ألف ريال قطرى شهرياً، يحصل على قرض للسيارة أو بدل سيارة، يتزوج فى بيت أبيه- سلو بلدهم- فالشاب يأخذ مكاناً فى بيت الأسرة الذى يكون غالباً من ثلاثة طوابق لمدة عامين كاملين خلالهما يرتب بيتاً له وزوجه وينتقل فى أمان وسلام إليه.
هنا.. فى الثلاثين من عمرك يمكن أن تكون مدير فرع ببنك، مدير تحرير صحيفة، مهندساً كبيراً، أستاذاً فى الجامعة، رئيس مجلس إدارة شركة أو جمعية وطنية.. فالأحلام أقرب بكثير، والطموح ليس له حدود.
لهذا، لا تجد مسيرات ولا مظاهرات تجوب شوارع قطر تطالب برفع الأجور ولا برفض نظم التوريث، ليس لأنهم لا يستطيعون فعل ذلك، ولكن لأنهم «مبسوطين» بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فما الذى يجعلنى أعترض على الحاكم مادام يحترم أحلامى، إنسانيتى، يقر النظام، يشعرنى بقوة دولتى، أقابله فى الطريق دون حراسة أو مظاهر كاذبة، يعرف جيداً أننى مادمت شبعت وانبسطت بقى هو فى مكانه
Comments