يحيى القزاز يكتب العزل أو الاستقالة للنائب العام المصري

نشرت صحيفة الشروق الجديد (المصرية) في يوم الأربعاء الموافق 24 فبراير 2010 خبرا في الصفحة الأولى تحت عنوان "السفيرة الامريكية عكس الاتجاه"وجاء بالخبر "التقت امس السفيرة الأمريكية بالقاهرة مارجريت اسكوبي مع المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، بمكتبه بدار القضاء العالي بوسط القاهرة، وأغلقت الشرطة شارع 26 يوليو عند تقاطعه مع شارع طلعت حرب، ثم قَدِم موكب السفيرة الأمريكية من ميدان التحرير عبر شارع رمسيس حتى ميدان الاسعاف، وسار الموكب عكس الاتجاه في شارع 26 يوليو. يذكر ان النائب العام يحترم إشارات المرور عند وصوله وانصرافه يوميا، ويلتزم بالسير في الاتجاه الصحيح". هذا كل ما جاء بالخبر ولنا ملاحظات واستفسارات:

ماسبب زيارة أمريكية -بغض النظر عن وظيفتها- للنائب العام المصري؟ هل تريد التقدم ببلاغ للنائب العام؟ وإن كان لديها بلاغ فهل ذلك يستدعي أن تأتي السفيرة الأمريكية في موكب يعطل المرور، ويغلق شارع 26 يوليو، وتسير سعادتها في الاتجاه المعاكس الذي لم يسر فيه النائب العام أبدا ولم تتعطل له إشارة؟ وهل تستطيع هذه السفيرة أن تسير في بلادها أمريكا عكس الإشارة وضد القانون؟ بالطبع لا.. إذن فما السبب الذي جعلها تتجرأ وتسير عكس الاتجاه في بلدنا وتدوس على رءوسنا؟ ولماذ لم يرفض النائب العام مقابلتها؟ فهل تم فعلا تأميم السلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية كما قال ذلك شيخ القضاة "يحيى الرفاعي" في خطابه الشهير اعتزال مهنة المحاماة؟ لم أجد مادة في الدستور المصري الحالي برغم عيوبه وعوراته مادة تنص على إيجازة لقاء النائب العام المصري بالسفراء الأجانب، ولا حتى على وجه الخصوص بالسفير الامريكي. لماذا تكسر سعادة السفيرة إشاراتنا ولا تستطيع كسر رجل فرخة في بلادها؟ فوجود جمعية الرفق بالحيوان تحول دون ذلك وإن فعلت عوقبت بموجب القانون؟ هل تفعل ذلك لأننا هنا على أنفسنا فهنا على الآخرين؟ وهل مصر أصبحت إحدى الولايات الأمريكية فيحق للامريكان أن يلعبوا ويرتعوا فيها؟ والله لو كانت إحدى الولايات الأمريكية لما عاملتها السفيرة كما تعاملنا؟ هل هو احتقار للشعب المصري أم للنظام المصري أم لكلينا؟ هل جاءت تبحث مع النائب العام بعض الملفات الشائكة؟ أم جاءت تتناول معه الأفطار وقدحا من الشاي بدعوة منه أم مفروضة عليه، وبدافع اللياقة منه، وبدافع ضعف النظام الحاكم الفاسد قَبِل الزيارة؟ وإن كانت بدافع اللياقة فهل يمكن لي أنا المصري أستاذ الجامعة أن أذهب لمقابلة النائب العام والتباحث معه وشربت جرعة ماء وأنا واقف وعلى عجل؟ تقدمنا ببلاغات كثيرة للنائب العام للإفراج عن المعتقليين السياسين، ولم يقابلنا وقابلنا وكلاءالنائب العام.

هذه السفيرة تغولت وتغلغلت في مصر ويجب إيقافها عند حدها، ولها حدود عليها أن تلزمها ولاتبرح جدران سفاراتها إلا بإذن ولا تتدخل في شيء لا يخصها، ولا تلتقى من لاعلاقة لها بهم؟ وعلى النائب العام أن يصدر بيانا للشعب يشرح له فيه بالتفصيل أسباب وملابسات الزيارة، وبعد ذلك يجب عليه أن يستقيل احتراما من المنصب احتراما لنفسه وحفاظا على هيبة المنصب وجلاله، وعليه أن يعرف أنه النائب العام المصري وليس النائب العام الامريكي. عليه المباردة بالاستقالة حتى لا تكون سابقة وفاتحة لتدخلات السفراء الأمريكيين في السلطة القضائية المصرية. بربكم أخبروني في أي دولة نعيش، وأي شعب نحن، وأي نظام ضعيف يحكمنا؟ لماذا هذا ؟هل من أجل التمديد والتوريث؟

زيارة السفيرة الأمريكية للنائب العام تدخل سافر وسافل في الشأن المصري وهو مرفوض، وهذا بلاغ –للأسف كان المفروض يوجه للنائب العام لكنه صار ضد النائب العام- لأعضاء مجلس الشعب المصري ليحققوا ويتحققوا في الامر ويطالبون بعزله أو بعزل من فرض عليه هذا الامر ولا يخلو هو أيضا من مسئولية.

العزل للنائب العام إن كان استقباله للسفيرة الأمريكية برضاه وبدون إملاءات فوقية، والاستقالة إن كان الأمر مفروض عليه. أكرر قد تخسر وظيفة دنست محرابها أقدام سفيرة ما كان ينبغي لها أن تطأها إلا شاكية، وتتعامل معاملة المواطنين العاديين، لا تأتي بما لا نعرف وتحصل عى ميزة لا يحصل عليها المصريون. تخسر وظيفة وتكسب احترام شعب، وتحافظ على استقلال السلطة القضائية. ولا تكن أول معول هدم لصرح القضاء العالي، وتؤسس لتبعية أجنبية بعد استقلال نص عليه الدستور. وتذكر ان يحيى ابراهيم باشا سبب شهرته أنه رفض تزوير الانتخابات البرلملنية سنة 1924 وهو رئيس وزراء مصر، وفاز عليه في الانتخابات حسن بك مرعي وسقط في الانتخابات وهو الباشا، وكذلك اهم نقطة في حياة لطفي السيد أنه انحاز للحرية، وقدم استقالته وهو مدير الجامعة المصرية في 9 مارس 1932 احتجاجا على نقل الدكتور طه حسين من الجامعة إلى وزاة المعارف. ليس هذا هجوما على شخص ولا انتقاصا من قدر سلطة قضائية كلنا نحتمى بها، ونلجا إليها وقت الظلم لتنصفنا، وإن لم تكن مستقلة فلن تتمكن من تأدية رسالتها، نحن ندافع عنها ولا نذمها، نصونها ولا نبددها، نحميها ونفتديها كي تحمينا وتدافع عنا

Comments