حسام الدين مصطفى يكتب.. الضرائب العقارية .. "أخذ الحق صنعة"
هل القط نمر صالونات مصغر؟
سؤال مقتبس من إحدي قصائد نيرودا، هل يعرفه أحد؟
پابلو نيرودا. 1904 ــ 1973. شاعر أمريكا اللاتينية الأشهر. كان ملهِماً لحركات التحرر، لا علي مستوي الدول الناطقة بالإسبانية فقط. بل استطاع أيضاً أن يجسد أحلام الثورة علي امتداد القارات الخمس. له مجموعةٌ متنوعةٌ من دواوين الشعر المترجمة إلي معظم اللغات من بينها: إقامةٌ في الأرض، أشعار الكابتن, إسبانيا في القلب, النشيد الشامل, مائة سوناتا للحب. حائز علي جائزة نوبل في الآداب لسنة 1971. ولم يعش سوي أيام معدودة, بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الاشتراكية المنتخبة في جمهورية شيلي, ومقتل صديقه د. سالفادور أليندي في مكتبة قصر لا مونيدا بمدينة سانتياجو, بينما هو يدافع عن الديمقراطية من حجرة إلي أخري. لكن قصائده ظلت شاهداً علي أشواق الناس إلي الحرية في كل مكان.
مات هذا الرجل من أجل الكلمة السحرية، التي يروقني دوما أن أسميها صاحبة العصمة، كان مناضلا ثوريا، هدفه الحقيقي كان طرد الفساد والاستبداد من دولته شيلي.
كل حركات التحرر الوطني المصرية تري لنفسها هذا الطريق، وترفع من أجله نفس الشعار، كل الحركات الوطنية الحرة تري في التغيير الأمل، وتنادي بالانتقال السلمي للسلطة، والعصيان المدني والاضراب العام، والسؤال هنا كيف؟ كلهم ينادون بمشاركة الشعب في الإضراب العام، وهذا منطقي، فلا معني لحركة وطنية لاتشارك فيها قوي الشعب، ولكن كيف ستشارك ؟ هذا هو السوال.
آسف لقول هذا ولكن الشارع المصري لايملك ثقافة التظاهر، وهذا منطقي بالنسبة لدولة مثل مصر، لم تعهد الديمقراطية في نظم حكمها أو قوانينها، ولم يفكر أحد من حكامها فيما يريده المواطن البسيط وما يحتاجه، كل ما كانوا يفكرون به هو مطالب الطغمة الحاكمة والأثرياء المنتفعين، وانعكس هذا بالتبعية علي قطاعات عريضة من المواطنين، الذين افتقدوا الحد الأدني من الثقافة السياسية، التي تؤهلهم للمشاركة في إضراب سلمي أو مظاهرة ترفع شعارات تمس مصالحهم الخاصة.
نجح إضراب موظفي الضرائب العقارية في حصد نتائج لم يحلم بها أحد من قبل، نقابة مستقلة كسرت الاحتكار الحكومي للنقابات المهنية، خلق جديد لأول مرة في مصر، فئة تنجح في الحصول علي حقوقها بواسطة الضغط علي النظم الحكومية، هذا هو الخلق الذي أريده لكل الفئات المجتمعية. لم يكن إضراب موظفي الضرائب العقارية لينجح لو لم يلتزم بالمصالح العامة لباقي المواطنين، لو أن موظفي الضرائب كسروا زجاج السيارات مثلا أو واجهات المحال التجارية أو اشتبكوا مع قوات الأمن أو أحدثوا إصابات بالمارة، لم يكن النظام ليرحمهم، ولكنهم عملوا بالقاعدة الشعبية التي تقول " أخذ الحق صنعة "، والتزموا في تحركهم بالثقافة السياسية الحقة، وهذا هو المسلك الضروري من أجل الحصول علي الحقوق المفقودة عند النخبة الحاكمة.
abogoda_hosam@yahoo.com
Comments