توفيق أبو شومر يكتب حاخامون بزي الجنود في إسرائيل
لم أنزعج من وزير الدفاع الإسرائيلي وهو يفخر بقدرات جيشه على تدمير غزة، وإفناء عشرات الأسر تحت ركام منازلهم.
ولم أستأ من ادّعاء تسفي ليفني بأنها كانت المُحرَّضة على اغتيال بسمات الأطفال في غزة بقتلهم وتدمير مدارسهم وحدائقهم .
ولم أشعر بالفزع وأنا أسمع أقوال رئيس الوزراء إيهود أولمرت ، وهو يدفع جيش الدفاع لهدم غزة فوق رؤوس ساكنيها بالقذائف والطائرات . ولم أكترث كثيرا بالمقارنة بين أفعاله في غزة وأقواله قبل أن يُعلن الحرب على غزة بأيام قلائل ، حين قال : العرب مظلومون في إسرائيل يجب إنصافهم ، ويجب على إسرائيل أن تقايض الأرض بالسلام وتُعيد الجولان إلى سوريا.
ولستُ معنيا أيضا بانضمام نتنياهو إلى جوقة المصفقين لجنود جيش الدفاع الذين سكبوا الرصاص فوق رؤوس الآمنين في غزة ، فنتنياهو هو أيضا من سلالة الدفيئات العسكرية الإسرائيلية ، التي ترعرت وشبَّتْ على غطرسة القوة العسكرية .
ولم أُفاجأ بازدياد شعبية أفغدور ليبرمان المتطرف زعيم حزب إسرائيل بيتنا ، الذي واظب على المطالبة بنفي كل العرب إلى الدار الآخرة .
فهؤلاء جميعهم هم من إنتاج الدفيئات العسكرية الإسرائيلية !
ولم أكترث أيضا بمواقف بعض اليساريين الإسرائيليين الذين أُجبروا على ابتلاع قناعاتهم المعتدلة وصمتوا ، أو علقوا على مجازر غزة من باب رفع العتب واللوم .
ولكنني توقَّفتُ كثيرا عند أقوال بعض الحاخامات من التيار الحريدي المتطرف ، ومنهم الراب الحريدي الإشكنازي عضو مجلس الحاخام الأعلى مردخاي إلياهو ، وكذلك الراب عوفاديا يوسيف الزعيم الروحي لحركة شاس ، وهو أيضا من التيار الحريدي المتطرف ، وهما مثلُ كثيرين من المتدينين ممن تحولوا فجأة من واعظين ومُفتين يلبسون السواد حدادا على الهيكل إلى ضباطٍ في جيش الدفاع ، يدعون للجيش بالنصر على سكان غزة المدنيين الأبرياء !
وقد كان هؤلاء الحاريديم قبل ذلك يعتقدون بأن الانضمام إلى جيش الدفاع الذي يقوده العلمانيون من الصهيونيين هو إثمٌ كبير، وجريمة في حق الدين اليهودي.
وهم كذلك من السلالة التي وجًَّه إليها بن غريون في بداية تأسيس دولة إسرائيل تحذيره قائلا : احذروا أن تحولوا الإسرائيليين من جنود إلى حاخامات، فالمجتمع الإسرائيلي مجتمع جنود لا حاخامات .
بسرعة البرق لبس الراب مردخاي إلياهو والراب عوفاديا يوسيف البدلة العسكرية الرسمية عندما شرعت إسرائيل في إعدام غزة وأسهما في حقن الجنود بترهات وأباطيل بادعاء أنهم يحاربون الأغيار، وليس الأبرياء ، واتفق الاثنان بمحض الصدفة على تعزيز الروح الدينية لدي الجنود حين أشار الاثنان – طبعا بمحض الصدفة وبقوة التخاطر الروحي بينهما – فأشارا إلى أن الأم راحيل أم اليهود كانت تحارب إلى جوار الجنود في بيوت وشوارع غزة ،طبعاً ضد الأبرياء الآمنين !
تقول رواية الحاخامَيْن
" ظهرتْ أمام إحدى الفرق العسكرية الإسرائيلية المجاهدة ! فتاةٌ جميلة وحذَرتهم من دخول أحد منازل غزة وقالت لهم : لا تدخلوا البيت ، كونوا حذرين ، في البيت إرهابيون مسلحون !
ولما سألها الجنود مَن أنتِ ؟ قالت: ليس مهما من أكون ... أنا راحيل
وتمكن الجنود بالفعل من قتل ثلاثة إرهابيين بفضل بركات السيدة راحيل " وأشار الاثنان إلى أن هذه الكرامة تأتي في سياق عناية الله ودعمها لإسرائيل !! ( يدعوت أحرونوت 25/ 1/ 2009)
استعدتُ بعض اللقطات من ترهات الحاريديم ، فعوفاديا يوسيف مثلا واظب على مشاهدة الماشيح في منامه وكان الماشيح دائما يوصيه بأن على شباب إسرائيل أن يتعلموا التوراة في مدارس شاس ، ويجب إزالة كل المدارس العلمانية التي تُخرج الجنود، بحيث لا تبقى إلا مدارس تعليم التوراة : ( معاريف 28/ 6/ 2001).
وافتنَّ عوفاديا يوسيف في توزيع أحجبة الحاخام إسحق قادوري المتعددة الأغراض:
فحجاب قادوري فوق بيضة يرمز للفحولة الذكورية
أما إذا كان الحجاب على سنبلة ، فهو رمزٌ للإخصاب
أما إذا كان مكتوبا على حزام المرأة ، فهو يمنع الإجهاض
وإذا كان مكتوبا على تفاحة فينفع في حالة وقف النزيف
وكان يبيع الحجاب الواحد بحوالي عشرة دولارات ، وكان قد وعد ناخبيه بمنحهم حجابا مجانا .
إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة الشَّاذة في العالم التي تموت بالسلام ، وتحيا بالحرب ، فالسلام يُفكِّكُ المجتمع الإسرائيلي إلى فسيفسائه الأولى ، فسيفساء الأجناس والأعراق ، ويعيدُ المهاجرين إلى أصولهم السابقة ، مما يولّد التناقضات، أما الحرب فإنها تقوم بعملية صكّ الأعراق في قالب دولة إسرائيل الجديدة
الحرب عند إسرائيل
الحربُ عند إسرائيل هي بمثابة حمَّام التطهر (الماكفا) لكل الإسرائيليين ، تُعيدهم إلى حالتهم الأولى أي ( طبقة من الجنود) !
الحرب عند إسرائيل أروع وسيلة للتخلص من أعباء مفاوضات السلام ، ومن التزامات القوانين الدولية وإعادة الحقوق المغصوبة .
الحرب بالنسبة لإسرائيل هي بداية عصرٍ جديد ، تعيد فيه إسرائيل فرض شروطها الجديدة ، شروط القوي على الضعيف .
الحرب في أعراف إسرائيل حتى ولو كانت على غزة المسكينة تعيد للإسرائيليين ما فقدوه خلال السنوات الفائتة من إحساس وشعور بغطرسة القوة .
الحرب عند إسرائيل هي تجديدٌ لشباب الدولة ، بعد أن أحسّ كثيرون بشيخوختها وهرمها .
وأخيرا فإن الحرب عند ساسة إسرائيل هي أفضل المشاريع الاقتصادية العسكرية ، ففيها يتمُّ تجريب الأسلحة الفتّاكة ، والتكنلوجيا العسكرية الجديدة ، حتى ولو كان الثمن الهدم والدمار والقتل والتخريب
الحرب عند إسرائيل أروع وسيلة للتخلص من أعباء مفاوضات السلام ، ومن التزامات القوانين الدولية وإعادة الحقوق المغصوبة .
الحرب بالنسبة لإسرائيل هي بداية عصرٍ جديد ، تعيد فيه إسرائيل فرض شروطها الجديدة ، شروط القوي على الضعيف .
الحرب في أعراف إسرائيل حتى ولو كانت على غزة المسكينة تعيد للإسرائيليين ما فقدوه خلال السنوات الفائتة من إحساس وشعور بغطرسة القوة .
الحرب عند إسرائيل هي تجديدٌ لشباب الدولة ، بعد أن أحسّ كثيرون بشيخوختها وهرمها .
Comments