طارق الشناوى يكتب : درس "جيهان السادات" لـ "عمرو موسى"

انحنيت احتراماً للسيدة "جيهان السادات" وهي تقول في حوار لها نشرته جريدة "الأهرام" مؤخراً.. ما لم أقله و"حسني مبارك" في السلطة لن أقوله الآن.. كم تمنيت أن يلتزم بهذا الرأي أو إن شئت الدقة الدرس عديدين تحولوا الآن إلى أبطال كانوا أحد أركان دعم النظام لأنهم عرفوا الكثير وصمتوا عن القول.. المليارات التي نهبتها عائلة الرئيس فاجأت أغلب المصريين -أتحدث عن حجم المسروقات وليس السرقة- الكل كان يعرف أن عائلة الرئيس تسرق ولكن لم يتوقع أحد فداحة الرقم.. إلا أن السؤال هل الجميع فاجأهم الرقم أم أن من عرف الرئيس عن قرب مثل "عمرو موسى" لم يفاجأ مثلنا.. من يطل على دائرة الرئيس كل هذه السنوات لا يمكن ألا يدرى شيئاً وإلا اتهمناه بالغفلة.. المؤكد أن "عمرو موسى" كان يعرف، صحيح إنه لم يكن مشاركاً إلا أنه صمت؟!

كان "عمرو موسى" أحد الأسماء القليلة التي من ممكن أن تحمل لجيلنا أملاً في التغيير أثناء حكم "مبارك" لو أنه قال لا لفساد مبارك.. "عمرو موسى" ليس من آحاد الناس حتى يجرؤ النظام على اعتقاله.

نعم كان "مبارك" يملك إقصائه عن منصبه في جامعة الدول العربية كأمين عام.. كان يستطيع أيضاً أن يصدر تعليماته إلى الإعلام التابع للدولة والخاص لأنه أيضاً كان تابعاً للدولة بالتعتيم عليه.. كان من الممكن أن تصدر أوامر للصحفيين التابعين للدولة وبعض الصحف الخاصة التي تسيطر عليها الدولة من أجل أن يهاجموه.. إلا أن كل ذلك كان من المؤكد سوف يزيد من شعبيته ومصداقيته.. "عمرو موسى" آثر السلامة عندما أبعده "مبارك" عن منصبه كوزير للخارجية ووافق على صفقة النظام بأن يذهب إلى جامعة الدول العربية.. آثر الصمت لأنه لا يطيق أن يبتعد عن الأضواء أو السلطة!!

أتذكر أنه عندما كان يُسأل في العامين الأخيرين عن إمكانية ترشحه لرئاسة الجمهورية يقدم إجابة كلها تراجع وخوف من بطش "مبارك" ويقول الرسالة وصلت لن أترشح ضد "مبارك" وسوف أمنحه صوتي لو تقدم إلى انتخابات الرئاسة ولكن في حالة عدم ترشح مبارك ربما أفكر.. ولأن هذا الرأي يشير إلى إمكانية أن يرشح نفسه ضد "جمال" فإنه يسارع على الفور بالتأكيد على أن "جمال" شاطر ومن حقه الترشح كمواطن مصري.. لم يشر مرة ولو على استحياء إلى أن مجرد ترشح "جمال" هو نوع من التحايل من أجل إضفاء غطاء شرعي للتوريث.. كان "عمرو موسى" يعلم أن هذا هو السيناريو القادم ورغم ذلك تحصن ليس بالصمت ولكن بالمباركة على اعتبار أن "جمال" شاطر.. وكأن مصر هي ست الحسن والجمال و "جمال" هو الشاطر حسن الذي من حقه أن يفوز بها.. عندما سألوا "مصطفى الفقي" عن رأيه في تصريح "عمرو موسى" أجابهم "العين ما تعلاش على الحاجب" وكأن "مبارك" هو قدر مصر ومن المستحيل تغييره إلا بابنه جمال.. "مبارك" و "جمال" هما الحاجب والباقي كله عيون؟!

"عمرو موسى" الآن يتحدث عن مضايقات ألمت به في عهد "مبارك" وعن فساد كان لا يعلم عنه شيئاً ولا أدرى كيف؟ إذا كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم؟!

أنا لا أتحمس لمن صمت في ذروة فساد "مبارك" من أجل أن يظل في الدائرة ولو على أطرافها من خلال أي موقع يمنحه له السلطان.. الآن "عمرو موسى" يريد أن يقفز من أطراف الدائرة إلى البؤرة ليصبح رئيساً لمصر بعد أن غاب السلطان.

أتمنى أن يعي درس "جيهان السادات" ما لم يستطع أن يقله و"مبارك" في السلطة لا يحق له أن يعلنه الآن.. لا توجد بطولة بأثر رجعي؟!

Comments