"قلب الحكومة" حجر.. لماذا لا يكون راتب الوزير 400 جنيه حتى يعلمنا كيف نعيش؟!

كتب: عادل عبد الرحيم


أسرة بائسة لا تجد قوت يومها

لا يعلو صوت في مصر هذه الأيام فوق صوت حكم القضاء العادل الذي قضى بأن يكون الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه على اعتبار أنه يمثل حد الكفاف لمن يعيش وسط دوامة الغلاء الفاحش التي ضربت جميع الأسواق

.

وقد استبشر كثير من الساذجين خيرا، أملا في أن تستجيب حكومة د. احمد نظيف لحكم القضاء الذي يعتبر الملاذ الأخير الآمن لصون حقوق المواطنين الذين فقدوا "الحد الأدنى" من اهتمام المسئولين.

لكن بالطبع وكما هو معروف عن حكومتنا الرشيدة فإنها لم تأل جهدا ولم يغمض لها جفن منذ صدور هذا القرار حتى تفسد فرحة أبناء الشعب الغلابة وتضيع عليه أي فرصة في تحسين دخله أو تعطيه بصيص أمل في غد أفضل.




المرض يزيد ضغوط الحياة

حيث نشرت مصادر الأخبار الحكومية الخبر التالي: "يعقد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء اجتماعا اليوم لبحث قرار المجلس القومي للأجور بتحديد 400 جنيه كحد أدني لأجر العامل شهريا"

.

وفي تفاصيل الخبر: يستعرض الاجتماع الذي يحضره وزيرا التنمية الاقتصادية والقوي العاملة وممثلو الاتحادات العمالية مطالب العمال برفع الحد الأدنى للعامل إلي ما يتراوح ما بين 500 جنيه للعامل العادي دون مؤهل و700 جنيه للحاصل علي مؤهل متوسط وألف جنيه للحاصل علي مؤهل عال


كما أكدت عائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة أن قرار المجلس القومي للأجور ليس قرارا نهائيا، مشيرة إلي أن اجتماع اليوم سيبحث مطالب العمال لرفع الحد الأدنى، وأكدت أن الحكومة تقف دائما في صف العمال وتحافظ علي مصالحهم.




كيف يعيش الإنسان بـ400 جنيه

ولعل من يقرأ هذا الخبر فإنه لن يبذل أي جهد في استخلاص عدة نتائج أولها أننا حالة أشبه بـ"حوار الطرشان" ففي الوقت الذي ينص فيه حكم المحكمة على أن يكون الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه فإن مجلس الوزراء "عظم الله أجره" يستعرض قرار المجلس القومي للأجور بتحديد 400 جنيه.

ويدرس أيضا أحلام العمال "الطماعين" الذين يطالبون برفع الحد الأدنى لـ500 جنيه، فهذه الحالة تذكرنا بالمثل الشعبي "تقول لهم ثور يقولوا احلبوه"، يا سيدي الحكم قال 1200 جنيه، ولا الهوا، يا عمي هذا المبلغ لا يكفي حتى للحياة تحت خط الفقر، ولا حياة لمن تنادي، يا إخواننا حد يفهمنا هي أحكام القضاء بتصدر علشان نخالفها ولا

ننفذها، انت بتدن في مالطة.




هل يمكن لوزير أن يزور هذه الأسرة البائسة

الخطير في الأمر أن هذه ليست السابقة الأولى للحكومة في قلب أحكام القضاء العادل فطبعا كلنا نذكر حين حكم القاضي ببطلان عقد "مدينتي" وضرورة إعادتها لملكية الدولة إلا أن رئيس الوزراء والسادة النظار أعوانه أقسموا جهد أيمانهم وأبوا إلا أن يردوها لمجموعة طلعت مصطفى حلالا بلالا عذبا ذلالا لذة للشاربين.

وبصرف النظر عن منطق الحكومة في التعاطي مع أحكام القضاء فإنه مما لا شك فيه أننا أمام كارثة حقيقية ففي حين أعلن الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية أن الحكومة وضعت رؤية مستقبلية تتضمن رفع الدخل السنوي للفرد من 7500 دولار إلي 15 ألف دولار نهاية العام المالي 2016، خدوا بالكم يا أسيادنا دخل الفرد سيرتفع من 7500 دولار يعني أكثر من 4000 جنيه مصري في الشهر وها يبقى 8000 جنيه بعد 6 سنوات، طبعا على طريقة موت يا "مواطن".




العشوئيات نتيجة حتمية للفقر

طبعا سيرد علينا إخواننا الاقتصاديون المتحذلقون البارعون في تضييع حق المواطن العادي بأن احتساب الدخل الفردي لا يعني بالضرورة أن كل مواطن يأخذ كذا وإنما هو حساب متوسط، وبالطبع سنضطر لخلع القبعة والانحناء أمام هذه العبقرية الفذة وسنقبل المرافعة المستميتة عن همة الحكومة في تحسين مستوى معيشة المواطنين.

لكن هل يمكن أن يقبل رئيس الوزراء اقتراحا عادلا بتحديد راتب أحد الوزراء بـ400 جنيه لمدة شهر واحد ليخبرنا بعبقريته الفذة كيف سيعيش حياته، وكم جرام لحمة سيشتري هو وعائلته وكم رغيف سيأكل وكم كوب لبن سيشرب وكم جنيه سيدفعه لمصاريف دراسة أولاده، وطبعا نحن لا نطالب الوزير بالعيش كباقي المصريين، لا سمح الله، فهم من طبقة أخرى غير المواطن العادي الذي تساوي قيمته هو وأسرته أقل من دولارين في اليوم.

Comments