محمد عبد العزيز يكتب : دم خالد .. جريمة نظام


كلنا مهددون بالتعذيب .. بل والقتل!، والتعذيب سابقا كان يتم في أقسام الشرطة أو في المعتقلات لكنه اليوم في تلك الفترة السوداء من تاريخ مصر يتم في الشارع "عيني عينك" وليس تعذيبا فقط بل والقتل على مرآى ومسمع من الجميع!. كل ذنب المواطن خالد سعيد أن أوراقه الرسمية مكتوب أمام خانة الجنسية بها كلمة "مصري"!، فأي مصري مهدد بالتعذيب والقتل طالما تحكمنا عصابة احتلال وحشية وليس نظاما بالمفهوم الطبيعي للكلمة!

القصة معلومة للجميع. طبقا لشهادة الشهود أن خالد ابن الاسكندرية كان في مقهى للإنترنت حينما دخل مخبرين من قسم شرطة سيدي جابر وأرادوا تفتيش الجميع وبطريقة مهينة اعترض خالد على الطريقة الهمجية تلك فانهالوا عليه بالضرب في الشارع حتى الموت!. تخيل أنه بهذه البساطة أزهقت روح إنسان، تخيل أنك قد تتعرض لمثل هذا الموقف، فخالد قد يكون في يوم من الأيام أنت، أو أخوك، أو قريبك، أو جارك، أو صديقك!، تخيل شعور والدة خالد وأسرته بالمرارة والظلم والقهر، تخيل شعور أصدقاؤه وجيرانه ممن شهدوا الواقعة الكبرى يوم قتله أمامهم في الشارع!

لست مهتما بالتبريرات الحمقاء والساذجة التي ترددها وزارة الداخلية، والهدف منها إغراقنا في التفاصيل، في البداية أرادوا تشويه سمعة خالد حتى يكسروا حالة التعاطف الشعبي الكبيرة جدا معه، فقالوا أنه متهرب من أداء الخدمة العسكرية ثم ثبت كذبهم وظهرت شهادته العسكرية!، قالوا إنه توفى نتيجة ابتلاعه لفافة مخدرات ثم أيضا ثبت كذبهم وأكد الشهود أن خالد تم تعذيبه أمام الجميع بالضرب المبرح حتى فاضت روحه معلنة احتجاجها على هذا القهر وعلى كل تلك الوحشية فربه أرحم به من مجرمي النظام!، لم يقل لنا هؤلاء الكذابون تبريرا لصورة خالد وهي مشوهة بعد الاعتداء عليه بقسوة متناهية؟!، وهي الصورة التي انتشرت في كل مواقع الانترنت والفيس بوك، لم يقولوا لنا ما هو القانون الذي الذي أباح لهم دم خالد دون محاكمة أو أي فرصة للدفاع عن نفسه!، لقد خالفوا كل القوانين الجنائية والأخلاقية والإنسانية!

تسببت قصة قتل خالد على يد اثنين من رجال الشرطة – المفروض أنهم يحمون المجتمع – في حالة مرارة واسعة لدى الكثير من الشعب المصري، ويفسر ذلك تعاطف الآلاف مع الصفحة التي أسسها الشباب للمطالبة بالقصاص من قتلة خالد على الفيس بوك وتجاوز عدد المشتركين بها 100 ألف في غضون ساعات من مقتله، اندلعت المظاهرات سواء في الإسكندرية أو القاهرة، وتعامل الأمن بغباء سواء في الإسكندرية أو القاهرة أيضا!. الحقيقة أن حالة الهياج والعنف الأمني المتواصلة والمتزايدة تعبر عن حالة عميقة من عدم الثقة بالنفس ويقين كامل من قبل النظام بأنه مجرم ومسؤول مسؤولية كاملة عن تلك الجريمة الشنعاء. لم يكتف النظام بقتل خالد وفقط بل تم الاعتداء بوحشية على الشباب والبنات المحتجين والمطالبين بالقصاص من قتلة خالد في الإسكندرية، وكذلك تم إلقاء القبض على المتظاهرين في ميدان لاظوغلي بالقرب من وزارة الداخلية بالقاهرة، وهم يهتفون ضد وزير التعذيب الذي لم يأخذ من الحب والعدل غير الاسم فقط "حبيب العادلي"!!

إن جريمة قتل خالد ليست جريمة اثنين من المخبرين ولا ضابط قسم شرطة سيدي جابر ولا حتى وزير الداخلية وفقط، بل هي جريمة نظام بأكمله من أول رئيس الجمهورية وحتى المخبر الذي ارتكب الجريمة. ولسنا نتحدث من باب المزايدة ونريد أن نحمل رئيس الجمهورية شخصيا كل ما يحدث في البلاد من كوارث – على الرغم من أنه فعلا مسؤول عن ذلك – إلا أن الدستور المصري ينص في مادته 184 أن الشرطة رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية.

حينما قلنا سابقا أن مصر محتلة لم نكن نبالغ، فجريمة قتل خالد الوحشية تلك هي من نوعية جرائم الاحتلال ضد الشعوب المقهورة، إن دم خالد سيبقى ساخنا فوارا يطالب بالثأر والقصاص. والقصاص لن يكون إلا بتحرير مصر من ذلك النظام "القاتل" الذي يهدد بقاء الإنسان المصري سواء بقتله بطريقة بطيئة عبر أغذية فاسدة ومسرطنة، ومياه ملوثة مختلطة بمياه الصرف الصحي، ونظام تعليمي متخلف، ونظام صحي يجلب الأمراض أكثر مما يعالجها!، أو يقتله مباشرة بالتعذيب في أقسام الشرطة أو حتى في الشارع!

كلنا مهددون كما ذكرت، كلنا علينا القصاص لدم خالد الذي سيبقى في أعناقنا إلى الأبد إذا لم نقم بإسقاط هذا النظام، وإذا كان العصيان المدني سابقا ضرورة حتمية من أجل الخلاص، فإنه أصبح اليوم واجبا أخلاقيا من أجل الثأر والقصاص .. والخلاص أيضا

*****
لمراسلة محمد عبد العزيز على الاميل التالى

Mohammedaziz2010@gmail.com


Comments