ليلة في معبر رفح.. فلسطينيون يحاولون لمَّ شملهم من بين سطور المعاهدات


نشطاء القافلة يتظاهرون أمام معبر رفح تصوير كريم البحيرى


رفح: شاهر عياد وكريم البحيري "موقع صحيفه الأزمة"


يعود مُريد إلى قطاع غزة بعد أربعة أعوام قضاها بالقاهرة في دراسة الصيدلة عبر إحدى الجامعات الخاصة، يحمل الشاب الفلسطيني الذي يبلغ من العمر نحو 23 عامًا جواز سفر فلسطيني والهويّة الفلسطينية التي تُمنح لأهالي قطاع غزة.لم يمر مُريد بأية مشاكل، مر من المعبر بسلاسة، على أن يعود بعد شهر أو أكثر إلى مصر ليستكمل عامه الأخيرة في الجامعة "لو ظل المعبر مفتوحًا". إلا أن أحوال كل العابرين لم تكن بذات السلاسة.
حسين درّاج طبيب فلسطيني من الضفّة الغربية يعيش في برلين، قادم إلى قطاع غزة ليتمم إجراءات زواجه من ابنه خالته في القطاع. هو يحمل جواز السفر الفلسطيني ولكنّه لا يحمل بطاقة الهوية. اصطدم بابتسامة ضابط الأمن المصري الذي سأله عن سبب توجهه إلى القطاع، ولمّا عرف السبب اعرضّت البسمة على وجه الضابط وقال "اتجوّز مصريّة".

إشكالية الفتح

فتح المعبر بأوقاتٍ محددة، وأمام قطاعٍ محدد من الناس (الفلسطينيون الغزّاويون)، يفتح باب التساؤلات حول ما إذا كان المعبر مفتوحًا بالفعل أم لا.
بحسب اتفاق المعابر الموقّع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لا يمر من المعبر إلا حاملو الهوية الفلسطينية، ومن دون ذلك من استثناءات كدبلوماسيين أجانب وحالات إنسانية ومستثمرين أجانب الخ، يدخلون إلى القطاع بعد إبلاغ إسرائيل قبل دخولهم القطاع بـ48، على أن تقدّم الدولة العبرية خلال 24 ساعة من تقديم الأسماء اعتراضها إن وجد.
ولكن وبحسب اتفاق المعابر هذا فإن المعبر لا بدَّ أن يبقى مفتوحًا، كما أن أحد أطراف العقد لم يعد متمكّنًا من زمام السلطة في القطاع، فهل يصح تمسّك الحكومة المصرية بتنفيذ الشرط المتعلق بإبلاغ إسرائيل أسماء المتوجهين إلى غزة من غير الفلسطينيين لأنها متمسّكة بالتزاماتها السياسية، وإهمال شروط أخرى، كذلك الشرط المتعلق بإبقاء المعبر مفتوحًا على الدوام.

شهادات فلسطينيين أمام معبر رفح




ويؤكد خبراء قانونيون أن الاتفاق "إما أن ينفّذ كلّه، أو يترك كلّه". وذلك، حسب هؤلاء الخبراء "لو تجاوزنا نقطة أن أحد أطراف العقد سقطت سلطته على قطاع غزة"، الذي استولت عليه حركة حماس في انقلاب مسلّح عام 2006.


إرهابية من كندا؟

فتاة فلسطينية رفضت أن نشر اسمها، من الضفّة الغربية وأتت لتتزوج هي الأخرى من ابنة خالتها، ولكن ولأن والدتها غزّاوية فسيسمح لها الأمن المصري بالعبور إلى القطاع. تقول إنها خرجت إلى الأردن عن طريق جسر اللنبي الذي يفصل الأردن عن أراضي الضفة الغربية، وسافرت جوًا إلى القاهرة، ومنها إلى رفح حيث ستذهب لرؤية عريسها.
تخاف الحديث مع الإعلام قبل عبورها، لذلك "أعتذر عن استكمال الحديث، وأرجو ألا تستخدموا اسمي أو أي تفاصيل قد تدل على هويتي" كما قالت، مضيفةً "شقيقتي صحفية، ولو كانت مكانكم لما كنت قد أدليت لها بأي أحاديث".
دخلت هذه الصبيّة التي لم تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها بأي حال، ليأتي طبيب فلسطيني مع زوجته الكندية وأولادهما. الضابط المصري الذي رفض تمرير حسين درّاج احتفظ بنفس الابتسامة وهو يقول للطبيب الآخر "اتفضل حضرتك والأولاد، والمدام تستنى معانا تنوّرنا هنا في مصر".
يقول الطبيب الذي رفض هو الآخر الكشف عن هويته أو تصويره "لمّيت كل ما لي من كندا وجئت إلى هنا عندما قالوا إنهم فتحوا المعبر أمام الفلسطينيين، لا أدري من ماذا يخافون، زوجتي كندية، هل سمع أحد عن إرهابي من كندا؟".

العالقون ابان دخولهم معبر رفح :




هكذا، بدا واضحًا أن مرور قافلة كسر الحصار عن غزة، التي ضمّت أقطابًا من المعارضة المصرية، لم يكن بالأمر الهيّن. ولكن يبقى السؤال معلّقًا: ماذا لو كان غازي حمد مسئول شئون المعابر في غزة والقيادي في حماس، قد سمح بمرور القافلة في اليوم الأول، بعد أن وافق الأمن المصري؟


توجيه غضب القافلة

في اليوم الأول دبّت المشادّات بين أعضاء القافلة بعد الموقف الصادم لحماس بالاعتذار عن عدم استقبال الوفد المصري. بعض الذين يراهنون على أن مشروع حماس سيسوّي القضية الفلسطينية رفضوا التصديق، اتهموا من أبلغهم الخبر بالكذب، ولما تأكدوا على لسان غازي حمد نفسه من صحة الخبر، اتهموا النظام المصري بالضغط على حماس. ولكن هل لو كانت حماس ترضخ لهذا النوع من الضغوط، هل ستكون قادرة على تسوية القضية الفلسطينية؟

النائب محسن راضى يتحدث عن قافلة القليوبية التى رفضت السلطات المصرية دخولها
ومحمد سيف الدوله يلقى بيان القافلة
وعبد الجليل مصطفى يقول إن حماس اعتذرت عن عدم استقبال القافلة المصرية
شاهد الفيديو





كان غضب المشاركين في القافلة أول يوم مشتت، بعضهم ناقم على حماس، والبعض الآخر ناقم على الناقمين على حماس. ثم انتقلت المشادات كما أوضحنا في الجزء الأول في هذا التقرير لتصبح شخصية، على مرأى ومسمع من ضباط الأمن وأمناء الشرطة.
ولكن في اليوم التالي، وبعد تغير مواقف حماس والقاهرة، أصبح غضب المشاركون موجّهًا ومحددًا، نحو الأمن، والحكومة المصرية، والنظام، ورأس الدولة. وقف أعضاء حزب العمل المجمّد ينشدون الأناشيد السياسية ذات الصبغة الدينية التي تمجّد حماس، وتلعن اليهود، وأحيانًا الصهاينة.
الدكتور أشرف البيومي الأستاذ في كلية العلوم والناشط السياسي البارز أبدى استياءه من شتم اليهود من بعض المتظاهرين في هتافاتهم "معركتي ليست مع اليهودي. أنا أناضل ضد إسرائيل ويناضل إلى جانبي أحيانًا حاخامات".

المشاركون يهاجمون سيارة القوات متعددة الجنسيات ويتظاهرون.. شاهد الفيديو




بعدما تأكد المشاركون أن إسرائيل لن توافق على تمرير المناضلين ضدها إلى غزة، استأنفوا هتافاتهم ضد النظام المصري، وضد مبارك، ومجّد بعضهم حركة حماس، وركبوا الأوتوبيسات وانطلقوا إلى القاهرة، وقتها وبتآلف موسيقي يفتقده أحيانًا طلبة المعاهد الموسيقية، ردد أعضاء الإخوان المسلمين أناشيد تحض على رفع راية الإسلام ووصل الأرحام


Comments