إنها مباراة وليست موقعة حربية


أحاول أن أكتم غيظي، واستسلم لغيبوبة ولو وهمية، من فرط ما أراه من إعلام مصري غبي، يتولى وزارته وزير غبي، في نظام حاكم عميل وخائن لوطنه ولأمته العربية. أحاول أن أفهم معنى واحد لشحذ همم المصريين لمباراة بين فريقين عربيين لدولتين شقيقتين(مصر والجزائر)، صهرتهما الحروب والمعاناة، ووحدتهما سنوات نضال، عفى عليها الزمن، لكن رائحتها مازالت تدوى في أنوف الوطنيين العروبيين الأحرار.

استغرب لتصرف إعلام حكومى يدفع المصريون ضرائبه، يقوم بشحن المصريين ليل نهار ضد اشقائهم الجزائرين ويدفعهم للتهلكة، يبث الفرقة ويزرع الكراهية، ويصور مباراة الجزائر وكأنها حرب بين العرب والصهيونية. تدبرت الأمر وقلبته على جميع أوجهه، وتساءلت لماذا كل هذا الشحن والحشد ضد الاشقاء الجزائريين؟ وكأنها معركة لتحرير فلسطين. لن أستدعى التاريخ ليقص وقفات الجزائر مع مصر في حروبها عام 1967، و1973. أعلم أن واحدا من المتحذلقين الانفصالين سيرد على ويقول، ومالك تنسى وقفة مصر مع الجزائر، والجواب أن من يعرف الواجب وكيفية أداؤه لا يعاير به اشقاؤه، ويصمت عن واجب هو بمثابة الدين عليه يؤديه لشقيقه راضيا طائعا، ومن يعرف الواجب (مصر الحرة في أوج مجدها في زمن عبدالناصر) يعترف بجميل وفضل اشقائه عليه ولا يعاير باداء واجب.

لماذا كل هذا الحشد ياوزير الغبراء، يا سيد أنس الفقى، كنت أتمنى أن تشحن وتحشد وتشحذ الهمم لمقاومة التطبيع مع الصهاينة، ولتسليط الضوء على معاناة الفلسطينين وإغلاق معبر رفح، أو لفضح مايرتكبه أبناء القردة والخنازير الصهاينة في حق الفلسطينين، كنت أتمنى أن تشحن الناس وتحشدهم ضد نظام حاكم فاسد وطاغ وعميل وخائن، نظام أنت جزء منه وتنفذ أجندته.. نظام اسيادك واولياء نعمتك جمال مبارك وأبوه وامه. ماذا تستفيد لو فاز الفريق المصري بالمباراة وأساء وخسر شقيقه الجزائري؟ هل هذا مكسب؟ ولم أكن أتصور ما سمعته في إحدى الفضائيات من متعصب معتوه ليلة مباراة الجزائر مع مصر في كرة القدم 13/11/2009 نتيجة لشحن معنوى غبي " مقبرة جوه الاستاد ومقبره بره الاستاد للجزائرين"، ما هذا الهزل أيها المعتوه؟! هل هذه وطنيه أم حيوانية؟

من يفكر في الأمر يكتشف أن السيد أنس الفقي ينفذ وزير الإعلام ينفذ الأجندة الصهيونية لسيده الصهيوني جمال مبارك رافع لواء إسرائل في مصر وداعمها بين ظهراني العرب، وأهداف هذه الأجندة: أولا عزل المصرين عن اشقائهم العرب وزرع كراهية متبادلة، وثانيا سواء فاز الفريق المصري أم لم يفز سيتولد فرحة بنصر مؤقت لن يصمد في كأس العالم كثيرا، أو جدل ومعارك إذا فاز الشقيق الجزائري، وفي كل الأحوال الهدف الرئيسي من هذا الشحن والحشد غير المسبوق، ولا حتى في حروب مصر مع إسرائيل، هو التغطية على فساد نظام مبارك الحاكم، وإيجاد نصر وهمى يتلهى به المصريون عن فساد حكم أصابهم في أكبادهم وقلوبهم وكلاهم وثرواتهم، نصر مؤقت يبعدهم عن تذكر الفساد ومراراته. إنها محاولة فاشلة من وزير أرعن لطمس الحقائق المرة بمخدر موضعي.

ما العمل لوحدثت كارثة غدا في مباراة مصر والجزائر نتيجة الشحن الأعمى للمصريين البسطاء؟ والكارثة ليست ببعيدة ونذرها بادية للعيان، وهل لو فازت مصر بهذه المباراة بمائة هدف ستحصل على كأس العالم؟ نوع من النفاق الرخيص لرئيس ترك سعبه يعاني مرارة الفقر والعلاج والتعليم، وتفرغ لزيارة فريق كرة القدم هو وأسرته الكريمة لابارك الله فيهم، وأرانا الله فيهم يوما أسودا. هذه الأسرة الكريمة السيد مبارك الرئيس وجمال الوريث وعلاء وأمهم، كانوا يستمتعون بمباراة الدورة الأفريقية منذ عامين أو يزيد، والمصريون غرقى في عرض البحر الأحمر، يأكلهم الأسماك من جراء غرق العبارة السلام 98 لصاحبها ممدوح اسماعيل. هذا هو رئيس البلاد وهذه هي أسرته في وقت المحن.. ئيس وأسرة لاهية.. الاستمتاع أهم غرق ألف مواطن مصري، وهؤلاء هم وزرائه من عينة أنس الفقي.

اشعر بكارثة تقترب مع ساعات الصباح الأولى ليوم المباراة 14/11/2009، يتحمل مسئوليتها المدعو أنس الفقي وزير الفتنة والإعلام المزيف، الضال والمضلل. ونحذر من حدوث الكارثة وأول من سيدفع ثمنها هم المصريون أنفسهم، إن ما يحدث هو نوع من إلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقة عن الذين باعوه ونهبوه ودمروه وخانوه وفرطوا في سيادة الوطن واغتصبوا حكمه. ولأننى حريص على بنى وطنى الصغير (مصر) قبل أى شيئ آخر، أتقدم لكل مسئول حر ذى ضمير وطنى مصري قبل أن يكون عربي، أن يعمل على تفريق الجماهير الغفيرة المرابضة لموقعة الحرب المدعوة بمباراة كرة القدم بين مصر والجزائر، والدعوة لانصرافهم من حول الاستاد، وحتى من الاستاد الرياضي نفسه، كى لا تحدث مصائب، من الزحمة ومن الشحن، فالجماهير مشحونة ومستفذة ومستثاره بفعل غبي لوزير غبي، وهذا ليس بصعب على نظام يملك من أدوات القمع ما يفرق به ملايين، والمظاهرات خير شاهد على ذلك، ولو نزل النظام قوات الأمن المركزي الى تنزل الشوارع لتفرق المظاهرات لفرقت مئات الالوف الراغبة في مشاهدة المباراة ليس من باب التشجيع والاستمتاع ولكن من باب الثأر والوقيعة.

قبل فوات الأوان أطالب بإقالة أنس الفقى إنها ضرورة ملحة، وتفريق الجماهير واجب وطنى، وحرصا على سلامة الشعب المصري اقترح: أن تجرى المباراة في القاهرة بدون جمهور، حقنا للدماء وتقديرا لمشاعر اشقاء وتهدئة من روعهم، وتغيير نغمة الحرب في مباريات كرة القدم. قد يبدو الاقتراح غريبا وصعبا لكنه الحل الوحيد، ودعونا نتخيل ماذا لو كسبنا المباراة وفقدنا مصري واحد نتيجة الاندفاع أو الزحام أو ى تصرف طائش. مصر في عهد عبدالناصر كانت الشقيقة الكبرى لكل العرب تدرك مسئولياتها وتؤديها في صمت، مصر الكريمة، وفي عهد مبارك حول مصر إلى مصر الهمجية والمنتقمة والمريضة. هل لو الفريق المصري كان يلعب مباراه مع الفريق الصهيوني (لا تتعجبوا سيحدث هذا قريبا في وجود مبارك الأب ومبارك الابن جمال) كان تصرف السيد الفقى مثل تصرفه مع مباراة الجزائر؟ الجواب معروف، وهل يجرؤ العبد على الوقوف في وجه أسياده وأسياد نظامه الحاكم.

والله العظيم حرام .. حرام.. مستقبل مصر يبقى مرهونا في ايدى أطفال عابثين لا يعرفون معنى الوطنية ولا العروبة ولاحرمة الدم المصري ولا الدم العربي. يا خونة .. يا من آلت إليكم سلطة مصر وثروتها عن طريق عبد أبق تواق للسلطة .. يبيع كل غال ورخيص من أجل أن يرث حكم مصر. يا بنى وطنى: تذكروا أن الرياضة تأتي من التريض والترويض، أنتم تصنعون العكس وتحولونها إلى حرب، مع العلم أن ساحة الحرب الحقيقية مفتوحة هناك في قلب الوطن العربي عند آل صهيون هل من ذكر رجل يجرؤ على الذهاب هناك؟ وهل ياوزير الغبرا المدعو وزير الإعلام يمكن أن تفضح الإسرائليين. اعزلوا أنس الفقى الآن وحاكموه، وامنعوا الجماهير من الوصول إلى الاستاد. قالها معتوه "مقبرة بره ومقبرة جوه للجزائر" وأخشى أن تكون المقبرة لنا وبأيدى من يحكمونا. تذكروا ياسادة إنها مباراة وليست موقعة حربية. وآسفاه.. شعب عظيم وتفكير عقيم.

د. يحيى القزاز

منتصف ليلة الجمعة 13/11/2009

Comments