تضامن: معاش السادات بين يدي وزير المالية الكاره للفقراء

في مشهد غاية في البؤس تجمهر المئات من المواطنين وغالبيتهم من النساء أمام منفذ صرف شرق الاسكندرية للمعاشات (فلمنج) أمس بدء من الساعة السابعة صباحا في محاولة لصرف معاشاتهم التي لا تتجاوز بحال من الأحوال وبحسب القانون ال 100 جنيه. في وقت وصول مجموعة من نشطاء تضامن وأعضاء مركز الدراسات الاشتراكية - في حوالي الساعة الثالثة والنصف عصرا - كان قد قضى هؤلاء المواطنين طيلة نهار أربعة أيام في محاولة لصرف الكفاف المسمى ب "معاش السادات" ، المعاش الذي "يستر" 250 ألف أسرة - على مستوى الجمهورية - تعيش على أقل من 100 جنيه شهري أي أسر "يادوب بتعيش على العيش الحاف".

حالة من الاعياء المستسلم والغضب المكتوم سادت الأجواء، فالمكان المريح للانتظار هو بلاط السلم الضيق أمام مبنى صرف المعاشات وهناك احتشد العشرات ممن قرروا أنه برغم افتقارهم لرفاهية عدم انتظار المعاش مهما طال إلا أن إيثار أدنى درجات السلامة بالتواجد بمكان يسمح لهم باستنشاق الهواء أبدى من الاختناق داخل الحجرة الضيقة المخصصة للانتظار داخل المبنى - حيث احتشد مئات المواطنات وهن يتصببن عرقا وشبه فاقدين للوعي.

كل تلك المعاناة جاءت نتيجة لصدور قرار غير مبرر من وزارة المالية يفيد بتوجه كافة مستحقي معاش السادات بالاسكندرية إلى هذا المنفذ الوحيد بدلا من مكاتب البوسطة المختلفة، فبالتالي جاء عناء الانتظار في فلمنج بعد توجه كل من هؤلاء إلى مكتب البوسطة المحدد في اليوم المحدد لصرف المعاش فإذا بالموظف المختص يخطرهم بتغير مكان الصرف. تجدر هنا الاشارة إلى أن مستحقي معاش السادات أو المعاش الضماني هم من تجاوزا سن ال 65 عاما وليس لديهم مصدر آخر للدخل سواء أجر أو معاش تأميني أو نفقة في حالة المطلقة. كما تترواح قيمته بين 60-80 جنيه شهريا للأسرة حسب عدد أفرادها فضلا عن منحة دراسية شهرية ب 20 جنيه وبحد أقصى 100 جنيه للأسر التي لديها أبناء بالتعليم الأساسي أو الثانوي .

تحدث مستحقوا المعاشات عن سيدة مسنة انتظرت داخل المبنى لساعات في اليوم السابق لتخرج منه مغشيا عليها وتقع على السلم أمامهم جميعا،وأبلغ الظن من وجهة نظرهم أن روحها قد أزهقت في محاولة الحصول على المعاش. كما تحدثوا عن رجل حضر لصرف المعاش من قسم العناية المركزة بأحد المستشفيات وعاد إلى منزله - أو ربما إلى المستشفى- خاوي اليدين. وبمنطق "رضينا بالهم والهم مارضيش بينا" أشاروا إلى الجنيهات التي يقتطعونها طواعية من معاشهم الزهيد كل شهر كإتاوة يدفعونها للموظفين القائمين على الصرف مقابل عدم تعطيلهم

وعند طرح فكرة التوجه إلى قسم محطة الرمل لتحرير محضر بالواقعة يمكن استخدامه بعد ذلك في تقديم بلاغ للمحامي العام بالاسكندرية، تبين للمجموعة أن عدد من النساء قد حاولوا فعل ذلك لكن الضباط بالقسم رفضوا تحرير المحضر. توجه محاميان - ماهينور المصري ومالك عدلي - مع عدد من النساء إلى القسم بهدف الاصرار على تحرير المحضر عبر التلويح بكارنيهات محاماة لم تكن بصحبة من حاولوا فعل ذلك في المرات السابقة، فإذا بأحد الضباط يرفض متعللا بأن مكتب الصرف لا يتبع قسم محطة الرمل برغم وجوده في الشارع الرئيسي للشارع الذي يطل عليه المكتب محاولا إرسال الناس إلى قسم السيوف. بعد شد وجذب تم الاتفاق على تحرير محضر لسيدة واحدة تضمن اثبات أن مئات المتضررين من المواطنات والمواطنين في انتظار صرف المعاش

معاناة الناس طوال أيام يصعب تفسيرها بالكلام عن سوء التنظيم والتخطيط في مصر عموما وعن آلية اتخاذ القرار في وزارة المالية خصوصا وغير ذلك من الموضوعات. هذه ليست المرة الأولى التي يعاني فيها مستحقي المعاشات سواء كانوا من مستحقي المعاشات التأمينية أو الضمانية من قرارات وزارة المالية ووزيرها بطرس غالي. فقد حرمت وزارة المالية مستحقي المعاشات لأشهر طويلة من صرف معاشاتهم تحت دعوى وجوب استصدار بطاقات تؤكد على استحقاقهم للمعاش وتنظم عملية الصرف! أيضا، تضمن قرار ضم أموال المعاشات (المتراكمة في بنك الاستثمار القومي) إلى وزارة المالية بإلغاء وزارة التأمينات والمعاشات في حد ذاته نية مبيتة لاستخدام هذه الأموال في استثمارات لا تعود على أصحابها من مستحقي المعاش ومحدودي الدخل بأي فائدة إن لم تكن تسلبهم إياها. سؤال "أين ذهبت أموال التأمينات والمعاشات التي قدرت ب 176 مليار؟ شغل الرأي العام منذ حوالي عامين ولم ترد إجابة شافية عن هذا السؤال حتى الآن.

تجدر هنا الاشارة إلى أن أموال المعاشات الضمانية ( معاش السادات) لا تورد من الخزينة العامة للدولة بل من حصيلة وأرباح أموال التأمينات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية للمواطنين
على مدونة تضامن
http://tadamonmasr.wordpress.com/2009/10/13/ma3ashat

Comments