تعليقاً على إضراب 6 إبريل الجارديان: يوم الغضب فى مصر تحول إلى يوم الرضا وغياب الطبقة العاملة سبب فشل الإضراب

كتبت ريم عبد الحميد

علقت صحيفة الجارديان البريطانية على فشل إضراب 6 إبريل المناهض لـ "النخبة الفاسدة" بحسب وصفها، واعتبرت أن أحد أسباب فشل هذا الإضراب، الذى نظمه ناشطون على موقع شبكة فيس بوك الاجتماعية، أن 10% فقط من المصريين يستخدمون الإنترنت.

وقالت الصحيفة: إن يوم الغضب الذى كان الهدف منه تنسيق احتجاجات فى جميع أنحاء مصر لمدة 24 ساعة، كان من شأنه أن يبعث برسالة قوية من التحدى للحكومة غير المحبوبة. إلا أن يوم الغضب أصبح يوم "الرضا" فى أحسن الأحوال، وفى أسوأها وجه ضربة قاسية للمعارضة المنقسمة فى مصر. فعلى الرغم من الدعاية الضخمة لإضراب السادس من إبريل، والتى شملت تحريض السكان على إلقاء منشورات من أسطح منازلهم، "وهى التكتيكات التى كانت تستخدم قديماً لمواجهة الإحتلال البريطانى"، وتنظيم حملة وطنية لارتداء الأسود حداداً على وفاة مصر المعاصرة على يد الرئيس مبارك، واستطلاعات تشير إلى أن 90% من مناطق العاصمة القاهرة كانت تخطط لإضراب عام، إلا أن السادس من إبريل مر فى هدوء، كانت الاحتجاجات صغيرة ومعزولة. وكانت قوات شرطة مكافحة الشغب هم الوحيدون الذين ارتدوا السواد فى هذا اليوم.

ولا يقلل هذا من جهود الذين عملوا بجد طوال العام الماضى لإعطاء الجماهير فرصة للتعبير عن الغضب الذى يشعرون به تجاه النخبة الفاسدة التى تخدم مصالحها الذاتية. وبالنظر إلى الوجود الأمنى الكاسح، والمخاطر القانونية والاقتصادية الضخمة التى تواجه العمال الفقراء الذين أرادوا عدم الذهاب إلى عملهم، فإن منظمى الإضراب لا يزالون يروا أن السادس من إبريل كان يوماً ناجحاً. وهم محقون، حيث احتشد الصحفيون الأجانب لتغطية المظاهرة التى شهدتها سلالم نقابة الصحفيين بوسط المدنية، والتى شارك فيها المئات. وكذلك أمام الجامعات حيث تجاهلت الشرطة حكما قضائيا يقضى بمنع دخولهم الحرم الجامعى، واشتبكوا مع الطلاب المحتجين.

إلا أن هذه المظاهر الإيجابية لا تغير من حقيقة أن يوم السادس من إبريل كان يوماً حزيناً لأولئك الذين يحاولون مواجهة نفاق النظام وأعوانه، والذين يدعون إلى لغة الديمقراطية وحقوق الإنسان فى الوقت الذى تنهب فيه ثروات الأمة، وتوجه ضربات وحشية لمن يقفون فى طريق ناهيبها.

وقد تم اختيار السادس من إبريل لأنه يتزامن مع الذكرى الثانوية للإضراب الأول الذى تم تنظيمه فى السادس من إبريل عام 2008، والذى قتل فيه ثلاثة أشخاص على يد الشرطة. وخلال هذا العام استمرت موجة من الإضرابات فى مصر، ووقعت أزمة غزة التى فضحت تبعية مبارك لإسرائيل والولايات المتحدة. كما بدأت الأزمة المالية العالمية التى ألقت بظلالها على مصر. بمعنى آخر، بدا أن الوقت قد حان لاستمرار المواجهة مع الحكومة. فلماذا فشلت هذه المواجهة إذن؟

تكمن الإجابة على هذا السؤال فى نهج ما يسمى جيش ناشطى الفيس بوك فى مصر، الذى يستفيد كثيراً من الابتكار التكنولوجى ووسائل الإعلام، ويستخدم تعبيرات القرن الحادى والعشرين الطنانة المثيرة للجدل. فـ "شباب 6 إبريل" ضمت 75 ألفا من المحتجين عبر شبكة الإنترنت عشية يوم الإضراب. وكانت المشكلة أن هناك نقصا فى المواد الأساسية للحركة، مثلما هو الحال مع معظم وسائل الإعلام. ورغم أن جماعات الفيس بوك قد تسلط الضوء على قضايا هامة، إلا أنها لا تعنى الكثير فى مصر التى لا يستخدم الإنترنت سوى 10% من سكانها. وهذا لا يعنى أن شبكة المعلومات الدولية لا تقوم بدور حيوى فى توفير الفضاء الضرورى للغاية للتعبير السياسى، إلا أنه يعنى أن هؤلاء الباحثين عن الحشود الضخمة ضد النظام، يجب أن يجدوا طرقا أخرى للتواصل والتنسيق مع هؤلاء المنتمين إلى الطبقات الأقل.

وكان هذا خطأ شباب 6 إبريل. فى العام الماضى، كانت الحركة الحقيقية للإضراب فى المحلة وليس القاهرة، عندما خرج عمال المصانع للتعبير عن غضبهم، ودفع المواطنون ثمن ذلك. وهذا العام لم تشارك الطبقة العاملة فى الإضراب. صحيح أن بعض النقابات العمالية أيدت إضراب 6 إبريل إلى أنها لا ترتبط به بأى عمل جماعى.
والمفارقة فى هذا كله أن عمال مصر فى الحقيقة شاركوا فى موجة من "الحراك السياسى"، والتى شهدت إضرابات فى جميع أنحاء البلاد وشملت الجميع من الأطباء وحتى سائقى القطارات. وعلى رأس هذا بعض العاملين فى القطاع العام قاموا ولأول مرة بالهروب من الاتحادات والنقابات التى تسيطر عليها الدولة إلى نقابات خاصة بهم.

وقد كشف تقرير صدر مؤخراً أن مصر ستتعرض جزئياً للانكماش الاقتصادى هذا العام، مع احتمال أن يفقد نصف مليون شخص وظائفهم فى 2009. وهذا يعنى أن حالة السخط الاجتماعى ستزداد، مما سيضعف من نظام مبارك المحاصر أكثر من ذى قبل. وكما اتضح من يوم السادس من إبريل، فإن الأمر سيتطلب مزيدا من الجماعات الاجتماعية الناشطة التركيز على مشكلات الحكومة، وهو الأمر الذى سيدرسه شباب 6 إبريل بوعى اليوم

Comments