أوضاع عمّاليّة جديدة في مصر وتنظيم نقابي قديم جدّاً

مصطفى بسيونى - تصوير حسام الحملاوى
مصطفى بسيوني *
لا يمثل عام 2007 فقط العام الأول من الدورة النقابية التي بدأت في نهاية 2006 وتنتهي في أواخر 2011، لكنه العام الذي شهد أكبر احتجاجات عمالية على الإطلاق في مصر، وكشف المسافة الشاسعة ما بين الحركة العمالية وتنظيمها النقابي المفترض.والملاحظة الأكثر لفتاً للانتباه هي ذلك التزامن بين بدء الدورة النقابية وانفجار الإضرابات العمالية. فقد انتهت انتخابات النقابات العمالية في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2006 وانطلق في الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر أكبر إضراب عمالي منذ منتصف التسعينات. كان هذا إضراب غزل المحلة الذي شارك فيه 24 ألف عامل، والذي تلته سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات شملت أغلب محافظات مصر وأغلب قطاعات الصناعة والخدمات. وأصبح سؤالاً مشروعاً ما إذا كان التنظيم النقابي الرسمي يعبّر عن الحركة العمالية أم لا؟
هذا السؤال تكفّل بالإجابة عنه التنظيم النقابي نفسه. فإضرابات العمال لم تنظّم فقط خارج أطر التنظيم النقابي بل إنها أيضاً حظيت بإدانته واستنكاره على لسان رموزه وقادته، وفي أفضل الأحوال كان التجاهل والإهمال نصيب الاحتجاجات العمالية من التنظيم النقابي الرسمي. ومن المثير للدهشة أن قادة التنظيم النقابي الرسمي تقدموا في أكثر من مرة للتفاوض مع عمال مضربين باسم الحكومة لا العكس. حدث ذلك مع عمال المحلة ومع موظفي الضرائب العقارية. والحقيقة أن موقف التنظيم النقابي من الحركة العمالية ليس فيه أي جديد. فعلى مدار نصف قرن كامل هو عمر التنظيم النقابي الذي تأسس في 1957، لم يتبنّ هذا التنظيم إضراباً عمّالياً واحداً و لم يدعُ إليه أو حتى يدافع عنه، باستثناء وحيد وهو دعوة النقابة العامة للمناجم والمحاجر للإضراب في 1993 لتحسين شروط العمل بالمناجم وإصدار قانون خاص بهم .هذا الاستثناء يؤكّد القاعدة، فقد سبقته وتلته مواقف للتنظيم النقابي وصلت حد استعداء أجهزة الأمن على الإضرابات العمالية، كما حدث في إضراب السكة الحديد في 1986، والتعاون معها ضد العمال كما حدث في إضراب شركة النقل الخفيف في العام نفسه، والأمثلة كثيرة. يعني هذا أن جذور الأزمة بين التنظيم النقابي والحركة العمالية أبعد كثيراً من 2007، ولنبدأ بالنشأة.

Comments