فكرة للوزيرة عبدالهادي!

بقلم سليمان جودة ٤/١٠/٢٠٠٧
دعاني صديق ميسور الحال إلي تناول طعام الإفطار في بيته، فلما ذهبت وجدته مهموماً، ولاحظت أن زوجته مشغولة البال طول الوقت، ووجدت نفسي حائراً.. هل أشكره علي دعوته، أم أسأله عن سبب حزنه؟!.. وحين دار بيننا الكلام، فهمت منه، أنه كان قد نجح في المجيء بفتاة من الفلبين، تساعد في شؤون المنزل، وتدير البيت، وكان حصوله عليها صعباً.. فالقانون يرغمك علي أن تتحايل عليه، وتدور حوله، وتمر من فوقه، وتحته، إلي أن تحصل علي فتاة من هذا النوع،..
أما راتبها فهو حكاية أخري، لأنها كانت تتقاضي شهرياً في حدود ٢٠٠ دولار، أي بما يزيد علي الألف جنيه.. غير أن صديقي فوجئ بهروبها!!.. ويبدو أنها كانت قد خططت للهروب جيداً، فاستولت من المال علي ما يكفيها، ويكفي عودتها، عند الضرورة، إلي بلادها.. وقد ظل الرجل مكتئباً علي مائدة الإفطار، لا يأكل، ولا يدري ماذا يفعل!
وحين تركته، تذكرت علي الفور، حكاية تصدير عدد من الفتيات العاملات إلي السعودية، منذ عدة أشهر، وكيف أنها في ذلك الوقت، قد تسببت في موجة من الهجوم الحاد علي السيدة عائشة عبدالهادي، وزيرة القوي العاملة، وتساءلت بيني وبين نفسي وقلت: لماذا لا تفكر الوزيرة عبدالهادي في تصدير هذه العمالة إلينا، بدلاً من تصديرها إلي السعودية، أو غيرها، حيث يكون هناك موضع استغلال سيئ محتمل؟!..
إن حكاية صديقي مع مديرة منزله، من المؤكد أنها ليست فريدة من نوعها،.. ولابد أن هناك آخرين غيره، وقعوا ضحية لمثل هذه المواقف، وهناك من سوف يقع ضحية مستقبلاً، طالما أن الحل بين أيدينا، ولكننا مصممون علي أن نستورده من الخارج.. لماذا لا تفكر وزيرة العمل في إنشاء معهد متخصص، أو أكثر، لتدريب مثل هذه العمالة، من الجنسين، وتعمل علي تخريج عدد منهم، سنوياً، بما يسد حاجة السوق المحلية، ويواجه الطلب المتزايد علي مثل هؤلاء، في بيوت الأثرياء والقادرين؟!.. لماذا لا تنظم الوزارة دورات تدريبية لهم، في الفنادق، لأسبوع أو أسبوعين، بحيث تتخرج كل فتاة، من المعهد، المفترض إنشاؤه، ومن الدورة التدريبية علي ما يسمي House Keeping، وقد أجادت تماماً، فن إدارة المنزل، وفن تسيير شؤون البيت؟!
لقد تابعت انشغال الوزيرة عبدالهادي، طوال الفترة الماضية، بحل مشاكل المعتصمين في الشركات، ورأيت كيف أنها لم تكن تنام الليل، من أجل البحث عن حل لمشكلة ١٧ ألفاً تظاهروا في المحلة.. بينما في إمكانها، لو تبنت فكرة تصدير مديرات المنازل إلي داخل البلد، لا إلي خارجه، أن تنشئ «محلة» جديدة من العدم، بأن تضع حداً أدني لأجور الفتيات اللاتي سوف يقبلن الالتحاق بمثل هذا المعهد، وإتمام مثل هذه الدورات..
وساعتها سوف تكون الوزيرة قد ضربت عدة عصافير بحجر واحد.. فهي سوف توفر عملاً شريفاً، ومحترماً، ونظيفاً، لفتيات أو فتيان لا يجدون أي فرصة عمل، وليس عندهم أمل.. وسوف توفر للبلد العملات الصعبة التي يدفعها الأغنياء، لاستقدام هذه العمالة من الخارج، وسوف تكون «المحلة الجديدة»، التي سوف تنشئها الوزيرة، بهذه الطريقة، غير قابلة للتظاهر، ولا للاعتصام، ولا للاحتجاج، لأنها سوف تكون موزعة علي البيوت، وسوف يكون عملها وفق قواعد وأصول.. وسوف.. وسوف.. إلي آخر ما يمكن أن يعود من وراء تطبيق فكرة عملية، وواقعية بهذا الشكل!
السلعة بيننا، وأمام أعيننا، والطلب عليها موجود، ويتزايد باستمرار.. وتنفيذ الفكرة ليس في حاجة إلي فلوس كثيرة، ولا إلي ميزانية كبيرة، ولا إلي معجزات، أو عبقرية.. ولكنه في حاجة قطعاً إلي قليل من المال.. وكثير من العقل والابتكار!

Comments