جيفارا يعود على صدور الشباب والفتيات

جيفارا يعود على صدور الشباب والفتيات!


رغم مرور أربعين عاماً على رحيله.. فما زال جيفارا.. صاحب الصورة الأشهر فى العصر الحديث التى التقطت فى عام 1960 وطبعت على ملايين القمصان والكراسات للتلاميذ وأغلفة المجلات.. وساعات اليد والحقائب وتقاليع الوشم وزجاجات الخمور وعبوات الشاى والآيس كريم ولافتات المحلات والمطاعم.. وبعد اختفائها ظهرت مرة أخرى على كثير من السيارات وعلى قمصان الشباب والفتيات وعلى الميداليات.. وقد لا يعرف الشباب أن جيفارا ولد فى الأرجنتين عام 1928 ونال إجازة الطب عام 1953.
وفى 9 أكتوبر عام 1967 مات جيفارا عن عمر يناهز 39 عاماً عاشها بالطول والعرض بين الطب والسفر والترحال والكاميرا والصيد والجيتار والسيجار والكتابة والثورة॥ ولأن صورة جيفارا ليس لها حقوق نشر وليس ذلك بغريب على الرجل الذى دعا إلى إلغاء حقوق الملكية الفكرية من أجل إتاحة الفرصة أمام الدول النامية لكى تنمو أيضا.. قد لا يعرف الكثيرون أن جيفارا خرج هو وأحد رفاقه من الأرجنتين على دراجة بخارية إلى كل دول أمريكا الجنوبية وشاهد الفقر والفقراء بعينه ولهذا قرر أن يعيش من أجل التغيير والتغيير الثورى، وفى المكسيك فى شمال القارة بدأت علاقته بكوبا وكاسترو الذى قاد الثورة الكوبية التى انفجرت أول يناير عام 1959.. كما مارس ومعه كاسترو ورفاقهما حرب العصابات وأشعلوا الثورة فى دول أمريكا اللاتينية ضد الظلم وضد الولايات المتحدة التى تدعم الظالمين। وتجول جيفارا ثائراً بين جواتيمالا وكوبا والمكسيك وبيرو وبوليفيا واتجه إلى أفريقيا وتنازل فى جرأة عن مناصبه فى حكومة الثورة فى كوبا.. 9 أكتوبر عام 1967 تاريخ يحفظه ملايين البشر حول العالم فقد أعلنت حكومة كولومبيا موت جيفارا وسمحت للمصورين بالتقاط صور الرجل القتيل، كانت نهاية الرحلة كما توقعها الرجل، لا يستطيع المرء أن يكون متأكداً من أن هناك شيئاً يعيش من أجله إلا إذا كان مستعداً للموت فى سبيله.. واستلهاماً لسيرة جيفارا يتبنى المتظاهرون المطالبة بحقوق الفقراء ويحدث ذلك كل عام عندما تجتمع الدول الثمانى الكبار! والدول الصناعية الثمانى ويكون الاحتجاج بارتداء قمصان جيفارا.. ومن عجائب القدر أن جيفارا كتب مذكراته ليس ليروى أمجاده وبطولاته.. ولكن المذكرات خرجت بصورة مختلفة تماماً فكلها نقد ذاتى سجل الأخطاء التى مارسها رفاقه، وبدلاً من أن يظل جيفارا دبلوماسياً متجولاً اختار أن يكون ثائراً متجولاً ونقل عنه (أن الثورة تتجمد.. والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على الكراسى ويبدأون بناء ما ناضلت من أجله الثورة وهذا هو التناقض المأساوى فى الثورة أن تناضل وتكافح وتحارب من أجل هدف معين وحين تبلغه وتحققه تتوقف الثورة وتتجمد القوالب.. وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمدة داخلى).. ولأن جيفارا كان نصير الفقراء والمظلومين فى العالم وكان يجمع بين الرومانسية والثورة والمثالية لذلك عاش حتى الآن.. ولكن من عجائب القدر أن يتحول تراث جيفارا خاصة اسمه وصوره فى تسويق السلع الاستهلاكية من ملابس ومأكولات ومشروبات.. وبذلك يصبح عنوان المرحلة التى نعيشها أن عصر الأيديولوجيا قد فات ومات. ومن المفارقات أن عدو الرأسمالية فى العالم قد صار ماركة تجارية لكثير من السلع الرأسمالية.. ويقول د. شبل بدران عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية والمفكر المعروف إن عودة جيفارا هو نوع من أنواع التمرد فرغم أن شباب اليوم لا يعرف أن جيفارا المريض بالربو كان متمرداً ويدخن السيجار الكوبى وفى أكبر البلاد إنتاجاً للسكر كان جيفارا يشرب الشاى دون سكر وكان يكره الضعف والضعفاء ويكره التردد والمترددين وكان خطيباً مفوهاً.. فقد يحب شباب اليوم فى جيفارا التمرد على القوالب الجامدة ويحب شباب اليوم البحث عن قدوة ومثل ونموذج لشخصية رومانسية حالمة بالثورة وبتحقيق العدل الاجتماعى لكل البشر.. وقد يكون لتمرد دول أمريكا الجنوبية وقادتها الذين يرفضون النفوذ الأمريكى دور فى عودة جيفارا خاصة أن كثيراً من رؤساء دول هذه البلدان يعلقون صوره فى مكاتبهم وفى ميادين بلادهم.. أما الاستغلال التجارى للاسم فى أوربا وأمريكا فهو تفكير رأسمالى من قاعدة (اللى تكسب به العب به).. بعيداً عن الأيديولوجيات والأفكار
المصدر مجلة أكتوبر

Comments